(الجلوكوما) المياه الزرقاء فى العين
بسم اللله الرحمن الرحيم
تعريف الجلوكوما
المياه الزرقاء.. عبارة عن ارتفاع فى ضغط العين أكثر من المعدل الطبيعى يؤدى إذا لم يعالج إلى تدمير العصب البصرى، وينتج عنه فقد البصر.
ما هو ضغط العين الطبيعى؟
العين مثل الكرة لابد لها من ضغط داخلها لتحتفظ الكرة بشكلها، وتقوم بوظيفتها، مثل إطار السيارة لابد أن يكون داخله “ضغط” لكى يحتفظ الإطار بشكله ويقوم بوظيفته، فإذا قل الضغط داخل الكرة أو داخل إطار السيارة فستفقد شكلها، ولا تقوم بالغرض التى صنعت من أجله، كذلك إذا زاد الضغط داخل إطار السيارة أكثر مما يحتمل أو تحتمل، فقد تنفجر الكرة أو ينفجر إطار السيارة، كذلك كرة أو مقلة العين، إذا قل الضغط بها فقد يحدث بها مضاعفات قد تؤثر على النظر، وكذلك إذا زاد الضغط داخلها، فقد يؤدى ذلك فى النهاية إلى فقد النظر.
كيف يمكن أن أعرف أن ضغط عينى طبيعى أو غير طبيعى؟
عادة لا يشعر الإنسان بضغط عينيه أى لا يستطيع أن يقدر إذا ما كان ضغط عينه عالياً أو منخفضاً.. ولكن طبيب العيون هو الذى يستطيع قياس ذلك بأجهزة خاصة.
إذن هل يلزم كل شخص أن يذهب لطبيب العيون لقياس ضغط العين؟
للإجابة عن هذا السؤال يلزم التأكيد على النقاط الآتية:
– من الضرورى قياس ضغط العين عند أى استشارة طبية لدى طبيب عيون، خاصة لمن يتعدى سن الأربعين.
– تزيد هذه الضرورة إذا كان هناك شخص فى الأسرة مصاب بالجلوكوما (أحد الوالدين أو الأخوة أو الجدود أو الأقارب).
– تزيد ضرورة قياس ضغط العين أيضاً إذا أصيبت العين بإصابة أو بعض أمراض العين.. مثل التهابات القزحية، أو بعض أمراض الجسم مثل أمراض الغدد الدرقية أو السكر، أو إذا أصيبت العين الأخرى بالجلوكوما أو عند استعمال الكورتيزون سواء قطرة أو أقراصاً لمدة طويلة أو بعد إجراء بعض عمليات العين.
هل هناك علاقة بين زيادة ضغط الدم وزيادة ضغط العين؟
من الغريب أن زيادة ضغط الدم لا تؤدى إلى زيادة ضغط العين، ومن الأغرب أن زيادة ضغط الدم، قد تحمى العين من زيادة الضغط فيها.
وذلك بدفع الدم المغذى للعصب البصرى والشبكية.. ومما يمنع ضمور العصب البصرى، أو تزيد من تحمل العصب البصرى لزيادة ضغط العين
ولهذا السبب ينصح أطباء العيون بأن يقاس ضغط العين لأى مريض مصاب بزيادة فى ضغط الدم قبل إعطائه أدوية خفض الدم.. فإذا وجد ضغط العين عالياً، فيجب أن يعطى العلاج الخاص بالجلوكوما لتخفيض ضغط العين قبل أو مع تخفيض ضغط الدم، والعكس صحيح، قبل إجراء جراحة لتخفيض ضغط العين (جراحة للجلوكوما) فيجب تخفيض ضغط الدم العالى، تجنباً لحدوث مضاعفات أثناء العملية.
نسبة مرض الجلوكوما
ما هى نسبة حدوث هذا المرض “الجلوكوما” أو ما مدة انتشاره؟
فى إحصاء حديث فى فرنسا، وجد أن الجلوكوما تعتبر ثانى سبب لفقد البصر بعد ضمور المقلة المصاحب لكبر العمر وسابق للعمى الناتج من مرض السكر.
وبالطبع فإن بلاد العالم الثالث، ومنها مصر، يسبق عتامات القرنية الناتجة من الالتهابات الميكروبية والرمد، هذه الأسباب جميعها لفقد البصر
أما نسبة حدوث الجلوكوما فى السكان فهى عادة 1 إلى 2% من الذين يبلغون 50 سنة من العمر، وهى أقل من ذلك فى الأصغر سناً وأكثر من ذلك فى الأكبر سناً، كذلك، فالجلوكوما أكثر حدوثاً فى الإناث عنها فى الذكور.
وهناك عامل عرقى، إذ تزيد نسبة حدوث الجلوكوما فى السود عن البيض، وهناك عامل عائلى أو أسرى لا شك فيه، ولكن ليس من الضرورى أن يصاب كل أفراد الأسرة بالجلوكوما.
ومما سبق فإنه من الحكمة أن يطلب المريض قياس ضغط العين عند كل كشف على العينين، خصوصاً بعد سن الأربعين أو إذا كان أحد الأبوين أو أقارب الدرجة الأولى مصاباً بالجلوكوما.
ما الذى يحفظ للعين ضغطها الطبيعى؟
إن السبب فى المحافظة على ضغط العين فى المستوى الطبيعى هو التوازن المذهل بين عدة عوامل:
– هناك محتويات مقلة العين فإذا زاد حجم هذه المحتويات فجأة وبصورة شديدة يزيد ضغط الدم، مثلاً احتقان الأوعية الدموية داخل العين أو ازدياد حجم عدسة العين بسبب تورمها بالسوائل، أو وجود ورم ينمو بسرعة داخل العين.
– وهناك سرعة أو معدل أفرز وتكوين السائل المائى.. هذا السائل تفرزه غدد الجسم الهدبى بمعدل 2 ملليمتر مكرون فى الدقيقة، إذا زاد هذا الإفراز كثيراً فى وقت قصير قد يزيد ضغط العين.. إذا لم يصاحب هذه الزيادة فى الإفراز.. سرعة مناسبة فى تسريب أو تصريف السائل المائى.
– وهناك سرعة أو معدل تصريف السائل المائى خارج العين، وهذا يحدث أساساً خلال زاوية الخزانة المقدمة فى العين.. حيث يوجد نسيج غربالى، يؤدى إلى قناة تحيط بسواد العين، ومنها إلى أوعية دموية خارج العين، وهذا التصرف يعتمد على سعة الثقوب الموجودة فى النسيج الغربالى، كما يعتمد على الفرق فى الضغط داخل العين، والضغط الموجود فى الأوردة على سطح بياض (صلبة) العين وهذا الجهد (أو الفرق) بين الضغطين يساعد عادة على خروج السائل من العين بمعدل يناسب معدل تكوين السائل المائى.
ويبدو أن هناك تنظيماً أو تحكماً عصبياً فى الوصول إلى هذا التوازن فى الأحوال الطبيعية، فإذا زاد الإفراز زاد التصريف، وإذا قل الإفراز قل التصريف.. أى أن هناك “صمام أمان” يحفظ ضغط العين فى المستوى الطبيعى، تماماً مثل صمام الأمان الموجود فى “الحلة البريستو” أو حلة البخار، فهذا الصمام يسمح للبخار بالخروج إذا زاد الضغط داخل الحلة.
وتكون النتيجة ثبات ضغط العين داخل متوسط طبيعى ما بين 12 إلى 22 ملليمتر زئبق فوق الضغط الجوى.
كيف يقيس الطبيب ضغط العين؟
أدق الطرق بواسطة جهاز جولدمان الذى يستعمل على الميكروسكوب والفكرة بسيطة فإذا تصورت أنك تضغط على بالونة منفوخة مستديرة بواسطة أو من خلال عملة معدنية (قرش أو خمسة قروش) فإن السطح المذكور سينبسط تحت القرش، وستزيد المساحة المنبسطة كلما زاد الضغط، وستقل المساحة المنبسطة كلما زاد الضغط داخل البالونة، ومن خلال معادلة رياضية يمكن استنتاج ضغط البالونة إذا وجدنا المساحة المنبسطة وغيرنا الضغط من الخارج أو إذا وجدنا الضغط من الخارج وغيرنا المساحة المنبسطة.
نفس هذه الفكرة تطبق عند قياس ضغط العين، فمن خلال الميكروسكوب يرى الطبيب المساحة المستديرة التى يبسطها قمع من البلاستيك على سطح القرنية بعد تخديرها بقطرة مخدرة، وتلوين الدموع بصبغة الفلوريسين.. وعادة ما يجرى هذا الفحص بالنور الأزرق.. لكى يسهل على الطبيب رؤية المساحة المنبسطة على سطح القرنية ودائرة الدموع الملونة بالفلوريسين حول قاعدة القمع.
وهناك طريقة أقل دقة بواسطة جهاز “شيوتز” وتسمى طريقة “الغرز” وفكرتها أنك تستطيع أن تغرز إصبعك من خلال جدار كرة كاوتش إذا كان الضغط داخل الكرة منخفضاً، ولكن لا تستطيع ذلك، أو تغرز إصبعك إلى مسافة أقل إذا كان الضغط داخل الكرة مرتفعاً.. تطبق هذه الفكرة على العين.. فبعد تخدير سطح العين بالقطرة، ينام المريض على السرير ويضع الطبيب الجهاز على سطح العين، فإذا كان ضغط العين مرتفعاً لا يغرز العمود المعدنى كثيراً فى العين، وإذا كان الضغط منخفضاً فالعمود المعدنى يغرز لمسافة أكبر، ويمكن للطبيب قراءة الرقم المناسب على الجهاز، وترجمة هذا الرقم من واقع جداول خاصة بضغط العين.
ثم هناك الطريقة البدائية التى لا تحتاج إلى أجهزة عندما يفحص الطبيب ضغط العين بإصبعه، تماماً كما تتأكد من نفخ الكرة بالهواء أو عجلة بالهواء بإصبعك.. والمعدل الطبيعى لضغط العين هو من 12 إلى 22 ملليمتر زئبق فوق الضغط الجوى.
هل كل عين ضغطها فى حدود الطبيعى تعتبر فى أمان؟
فى الغالب نعم.. فمعظم العيون تتحمل هذا الضغط لمدة طويلة، ربما طوال عمر الإنسان بدون ضرر على العصب البصرى، ولكن فى ظروف نادرة لا تستطيع العين أن تتحمل هذا المعدل الطبيعى للضغط لمدة طويلة، إذ أنه بمرور الوقت يحدث نقص فى مجال البصر وضمور فى العصب البصرى بصورة مطابقة لما يحدث فى الجلوكوما.
ومثل هذه العين، التى لا تتحمل الضغط الطبيعى، كما يتضح من ضيق مجال البصر وضمور العصب البصرى ولابد من معاملاتها علاجياً، مثل العين المصابة بارتفاع ضغط العين