لماذا يحتج الصيادلة على قرار التخفيض من أثمنة الأدوية؟

المغرب

لقد وصلنا إلى زمن أصبحت فيه العولمة هاجسا إجتاح مختلف بقاع العالم، وأصبحت فيه “البراكماتية” عنوانا بارزا لجميع الأنشطة التي يمارسها بنو آدم، ولم تسلم حتى أسمى المهن و أشرفها من منطق المنفعة الشخصية، وباتت الحياة مسرحا للمعارك التي تخفي في باطنها عكس ما تظهر، لكن ما يحز في النفس هو عندما تتحول المهن السامية إلى وسيلة لتحصيل الأموال وأن يتحول ممتهنوها من رجال نبلاء يؤدون وظيفة نبيلة إلى تجار لا يهمهم سوى سلك أقصر طريق تؤدي إلى الربح السريع، فعندما يغلب الحس المادي على الحس الإنساني عند البشر يمكن أن نتوقع أي شيء من طرفه، تماما كما فعل هؤلاء الذي شيدوا مسجدا بالغش قبل أن ينهار فوق رؤوس المصلين.

معلوم أن الصيادلة يمارسون مهنة شريفة شأنها شأن مهنة الطب التي تعتبر من أشرف و أنبل مهن العالم، وتنويرا للرأي العام لا بأس أن نوضح بعض الأشياء التي ربما يجهلها كثير من المواطنون، فالصيدلي يعتبر وسيطا بين مختبرات الأدوية و المواطنين في إطار قانون ينظم هذه المهنة و يحدد واجبات و حقوق ممارسيها، وفي الشق المتعلق ببيع الأدوية فإن للصيادلة أرباحا تحدد في نسبة 30% عن كل دواء يبيعونه، وقد تتجاوز هذه النسبة 60% بالنسبة للمواد الشبه طبية، أي أن الصيدلي إذا ما باع دواء ا قيمته 100 درهم فإن له مبلغ 30 درهم، أما الحقنة التي يبيعها بعضهم بثمن 3دراهم فلا يتجاوز ثمنها بالجملة الدرهم واحد.

نعود إلى أثمنة الأدوية، فقرار السيد الحسين الوردي القاضي بتخفيض أثمنة بعض الأدوية من شأنه أن ينقص من نسبة أرباح الصيادلة، لأن نسبة أرباحهم مرتبطة بأثمنة الأدوية، وكلما كان ثمن الدواء باهضا كلما زادت أرباح الصيدلي، الشيء الذي جعل هؤلاء يخرجون للتظاهر و يعارضون تخفيض أثمنة الأدوية، فالقدرة الشرائية للمواطن لم تعد تعني أحدا في هذا الوطن والكل يبحث عن مصالحه الشخصية، وهذا هو السبب الحقيقي الذي أخرج أصدقاءنا الصيادلة من صيدلياتهم وجعلهم يتزاحمون مع المعطلين الذين يتمنون ممارسة مهنة من شأنها أن تدر عليهم ربع ما يربحه أرباب الصيدليات.

15-Jan-2014