Warning: Undefined array key "rcommentid" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 348 Warning: Undefined array key "rchash" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 349
د. فصيح إمام
لكل مهنة آداب تم التعارف عليها منذ قديم الأزل، تتوارثها الأجيال تلو الأجيال، وهذه الأداب لم تأت عبثاً ولا من فراغ أو بطريقة عشوائية، إنما نشأت من حاجة أبناء هذه المهنة إلى سلوك جماعي راق منظم يحفظ هوية هذه المهنة ويحافظ على أعضائها، ويلزم الجميع باحترام هذا السلوك حتى تتميز هذه المهنة وتظهر خصائصها ونتائجها التي يستفيد منها أبناء المهنة والمجتمع فى نفس الوقت.
وعدم احترام هذه الأداب يجعل الجميع فى تدن وانحدار، فمثلاً من أداب المهنة.. لا يجوز للصيدلي إفشاء أسرار المرضى فتخيل لو لم يلتزم الجميع بهذا الخلق كيف كان حال الناس، الكل يهمز ويلمز على الكل والجميع يسخرون من الجميع.
لكن للأسف ظهر فى الأونة الأخيرة من يعتقد أن هذه الأداب والسلوكيات المهنية إنما هى قيد عليه ولا مانع لديه من كسر هذه القيود والتحرر منها فيفعل ما يشاء دون رادع من دين أو خلق أو ضمير.
ومثال آخر من آداب وقوانين المهنة أن لا يمتلك الصيدلية أو يديرها إلا صيدلي؛ حفاظاً على هيبة الصيدلي وهيبة المكان وحقوق المرضى في أن لا يصرف لهم الدواء إلا من هو متخصص فى هذا المجال، حيث أن الأمر مرتبط بصحتهم وحياتهم فيأتي للأسف فئة من أبناء هذه المهنة، يهرولون وراء المال ويلجأون إلى الكسب غير المشروع ببيع أسمائهم إلى غير صيادلة فيصبح مالك الصيدلية الحقيقي تاجر أو جزار أو نجار، لا يملك إلا المال ولا يعرف شيئاً عن آداب المهنة وأخلاقها فيكون همه الأكبر هو جمع المال بأى طريقة وغالباً ما تكون على حساب صحة الناس.
وقد رأيت بأم عيني صاحب صيدلية جزار يعمل عنده صيدلي يعامله بالطبع كمساعد جزار، طلب منه مريض علاج للكحة فأعطاه الصيدل، علاج بأربعة جنيهات فقام الجزار وأخذ العلاج من المريض واستبدله بزجاجة بعشرة جنيهات وطلب من الصيدلى ألا يبيع الأدوية الرخيصة لزيادة الدخل وإلا …!
ومن آداب المهنة أن يمتنع الصيدلى عن استخدام الوسائل غير المشروعة لجذب العملاء، ومن أخطر وأسوء الوسائل التى تستخدم حالياً هي الخصومات التي يقوم بها عدد غير قليل من الصيادلة حتى وصل الأمر أن اعتبر عدد كبير من المترددين على الصيدليات أن هذه الخصومات حق لهم، وأن الممتنعين عن عمل خصومات هم المخالفين لأداب المهنة.
ومن آداب المهنة أن لا يسيء الصيدلي إلى زملائه بأى وسيلة، فهل هذا الخلق والسلوك مطبق أم أن البعض يسيء للبعض بسبب أو بدون سبب اعتقاداً منه أنه بذلك يجذب زبائن أكثر فيزداد رزقه وهذا بالطبع قصور فى الفهم، فالأرزاق بيد الله مقدرة ومسحومة، كل ما حدث هو نقص من الرصيد الأخلاقى للمسيء.
ومن أعماق قلبي أناشد جموع صيادلة مصر أن يستعيدوا روح الاتحاد ضد الخارجين على القانون والمخالفين لآداب المهنة حتى يثوبوا لرشدهم، وأن نقف جميعاً ضدهم وقفة رجل واحد حتى ينصلح حال هذه المهنة وتعود كسابق عهدها مهنة سامية رفيعة ولن يأتي الإصلاح من خارج أبناء المهنة بل على العكس يجب أن نصلح أحوالنا بأيدينا لا بأيدي غيرنا (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وكلنا يعلم أن الإتحاد قوة والفرقة ضعف، وأننا يجب أن نتعاون على البر والتقوى، وأن نقف جميعاً ضد أي قوى من خارج المهنة أو من داخلها تريد هدم المعبد على رؤوس أصحابه.
فمثلاً إذا كنا نتعامل مع المخازن لأنها تقدم خصومات أكبر من الشركات فلابد أن نتأكد من أن هذه المخازن مرخصة وأنها تتعامل مع أدوية مأمونة المصدر، وأنها لا تتعامل مع الجمهور وفى حال مخالفة المخازن لهذه الأساسيات يجب أن نقف منها موقف المقاطعة حتى يلتزموا بالقانون، وكذلك الشركات التى تمتنع عن أخذ المرتجعات بنسب معقولة ومقبولة يجب أن نحترم موقف النقابة منها ونقاطعها مقاطعة جماعية حتى يثوبوا إلى رشدهم ويحترموا الاتفاقيات المبرمة مع النقابة0
من المسلمات فى التعامل بين الناس أنه لا ضرر ولا ضرار إذن لابد أن يفهم الجميع أن هذه الآداب المتعارف عليها فى كل مهنة هي لمصلحة أبناء هذه المهنة ومصلحة المجتمع الذى نعيش فيه، لأن الجميع فى مركب واحد إما أن ننجوا جميعاً أو نهلك جميعاً، والشاذين عن العمل بهذه الآداب إنما يضرون أنفسهم أولاً بانعدام ثقة الناس فيهم،بل ويعزفون عن التعامل معهم،والأهم أنهم يضعون أنفسهم تحت طائلة العقاب الإلهي الذى فيه أن من غشنا فليس منا