تجارة «وهم التخسيس» تتجاوز الـ10 مليارات جنيه.. أدوية الريجيم فيها سم قاتل
الرشاقة والجسد الممشوق حلم يراود كل فتاة وسيدة.. ونظرا لأن ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائى معين من الأمور الشاقة عليهن، سرعان ما استغلت الشركات غير المرخصة هوس المرأة بتحقيق حلمها دون أى معاناة، وذلك عبر قيام بعض القنوات الفضائية فى الترويج للعديد من أدوية التخسيس السريع مصحوبة بكلمات براقة وتجارب لشخصيات وهمية تحققت أحلامهم بمجرد تناول الكبسولة أو كيس من الدواء.
فيما تروج تلك «الشركات»، هذه السموم بأنها مجموعة من الأعشاب الآمنة التى تساعد على الإحساس بالشبع السريع دون الحاجة للحرمان من الطعام أو ممارسة الرياضة الشاقة، حيث تقوم السيدات بشراء تلك الأدوية، لتحتل تجارة بيع «وهم التخسيس»، وفقا لمنظمة الصحة العالمية نحو 10 مليارات جنيه، وهو ما يمثل 10 % من حجم مبيعات الدواء بها، وستصل بحلول عام 2020 إلى 17 مليار جنيه.
هوس التخسيس دفع العديد من السيدات لخوض تجربة تخفيض الوزن، ودون النظر إلى العواقب الوخيمة التى تترتب عليها من أمراض قد تتعرض لها، وهو ما أكدته الدكتورة مها راداميس أستاذ التغذية، بأن أدوية التخسيس مرفوضة تماما لخطورتها البالغة مهما كانت طبيعية لأنها تؤثر على أشياء كثيرة فى الجسم، وكذا الأمر بالنسبة لكل الجراحات المتعلقة بشفط الدهون أو تصغير حجم المعدة، وهو أمر مرفوض وله أضرار خطيرة ولا يأتى بنتائج حقيقية.
وأضافت راداميس، فى تصريحات لـ«صوت الأمة»، أن تناول أدوية التخسيس بعيدا عن استشارة الطبيب يؤدى إلى زيادة الوزن، معتبرة أن الأدوية التى تعمل على فقدان الشهية أشد ضررا على الإنسان، وتجعله أكثر شراهة للأكل وتخزينا للدهون بمجرد تركه للدواء، موضحة أن هذه الأدوية تسبب العصبية، والاكتئاب وسرعة ضربات القلب، وجفاف الجسم وسوء التغذية والصداع والتعب والإمساك والدوار وفقدان الشعر وفقدان العضلات وعدم انتظام الدورة الشهرية، أما الأعشاب تكون فى الغالب من نباتات مجهولة يمكن أن تسبب الضرر للكلى والكبد.
وحذرت استشارى التغذية، من تناول عقار «المتفورمين» لخفض الوزن، مؤكدة أنه فى منتهى الخطورة لأنه من أدوية خفض السكر فى الدم مما قد يسبب أضرارا على الإنسان، موضحة أن الأساس فى القضاء على تجارة هذه الأدوية هو التوعية وتغيير ثقافة المواطنين، والبعد عن سرعة تحقيق حلم التخسيس من خلال الأدوية وتصديق ما يذاع، فهى تدر مكاسب خيالية على أصحابها، فسعر المنتج الواحد يتجاوز الـ500 جنيه، و«الزن على الودان» له مفعول السحر فى التأثير على المواطن.
واختتمت راداميس، حديثها قائلة «إن كل الأدوية المعلن عنها من خلال الإعلانات التليفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعى غير آمنة، ولا يمكن الاعتماد عليها فى خفض الوزن، وأن بعض الشركات التى تبيعها تعرض مبالغ مالية على الأطباء مقابل ترشيحها للمريض من خلال الروشتات، مؤكدة أن الريجيم الصحى يعتمد على تناول وجبات صحية تساعد فى زيادة الحرق وتقليل نسبة الدهون مع ممارسة الرياضة.
ومن جانبه حلل الدكتور خالد يوسف، الاستشارى بمعهد التغذية، المواد الضارة فى بعض الأدوية المنتشرة بالأسواق، مؤكدا أن أخطرها مادة «السيبوترامين» الموجودة بأدوية التخسيس، فهى تضر بعضلة القلب وتسبب السكتات القلبية، الأمر الذى دفع وزارة الصحة إلى منع تداول 6 عقاقير طبية تستخدم فى علاج السمنة وإنقاص الوزن تعتمد على مادة «السيبوترامين»، وتم سحبها من الصيدليات.
وتابع بالقول، إن مادة فلوكستين، وهى المادة الفعالة لدواء بروزاك وهو أحد أدوية علاج الاكتئاب تستخدم فى بعض أدوية التخسيس وتعمل على الجهاز العصبى المركزى، وله آثار جانبية شديدة الخطورة، وتزيد من معدلات الوفاة لأنها تلعب على الجهاز العصبى وتدمر الكلى، وقد وضعتها هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية على قائمة الأدوية المحظورة، موضحا أن العديد من الأدوية غير مرخصة لا تعلم عنها وزارة الصحة شيئا وأغلبها لها آثار جانبية على الصحة العامة.
وعن دور نقابة الصيادلة فى السيطرة على تجارة أدوية التخسيس، قال الدكتور مصطفى الوكيل، وكيل نقابة الصيادلة، إن أى دواء طالما كان غير مسعر أو مسجل بوزارة الصحة فهو يعتبر دواءً فاسدا وغير صالح للاستخدام الآدمى بنسبة 100 % ومجهول المصدر، ومن يدعى الحصول على تراخيص من الوزارة فهو كاذب، وكل الأدوية على شاشات التليفزيون ومواقع التواصل غير مرخصة.
وقال وكيل النقابة، إن عرض الأدوية على شاشات التليفزيون يعطى المصداقية لها، باعتبارها وسيلة مراقبة من قبل الدولة، وهذا خطأ كبير، موضحا أنه تم إقرار قانون فى عام 2017 بالتعاون بين النقابة ولجنة الصحة بمجلس النواب لتنظيم الإعلان عن المنتجات الصحية، وتضمن كيفية الإعلان وجهات الرقابة عليه وفحص الدواء قبل الإعلان عنه.
وأعرب عن أسفه الشديد لعدم تطبيق القانون حتى الآن، رغم التصديق عليه من رئيس الجمهورية، وتم إرسال استفسار لرئاسة الوزراء لمعرفة مصير القانون وعدم تطبيقه، مطالبا الدولة بضرورة التحرك السريع لضبط الفوضى الإعلانية على شاشات التليفزيون.
وكشف الوكيل، قائلا إن المواد المصنع منها أدوية التخسيس المتداولة على الشاشات غير معلومة المصدر ومدى فعاليتها كونها تصنع بعيدا عن أعين الرقابة، ولا نضمن سلامتها عند استخدامها وقد تسبب كوارث تؤدى للوفاة، فهى مجرد أدوات نصب على المواطنين فى وهم الشفاء والتخسيس.
وأكد أن النقابة لا يوجد لديها حصر بهذه الأدوية كونها مجهولة المصدر وغير مرخصة، موضحا أنه من السهل على المواطن التأكد من أن الدواء مرخص أم لا من خلال الرقم المكتوب على العبوة، فصناعة الدواء تمر بعدة مراحل بدءا من استيراد المادة الخام حتى تصل المصنع وتمر على تفتيش المصانع، للتأكد من جودته وصحته للتداول، ثم يتم بيعه فى الصيدليات وهى مراقبة من التفتيش الصيدلى، وبالتالى هناك مراقبة كبيرة على الدواء المرخص، أما ما دون ذلك فهو يسبب كوارث صحية كبيرة.
من جانبه قال على عوف، رئيس غرفة صناعة الأدوية، إن ما يعرض من منتجات التخسيس على شاشات التليفزيون « وهم وتضليل»، فنجد أن دواء مثل «شيتوكال» للتخسيس، يعتمد على إخراج الدهون من الجسم دون الامتصاص، ويتسبب ذلك فى اضطراب المعدة والشعور بالغثيان والإمساك، وكذا الأعشاب مثل «أبلكس» فهى مواد مجهولة المصدر وتعد منتجات غير قانونية، ومصنعة بعيدا عن إشراف وزارة الصحة، ولا ينصح باستخدامها.
وأشار رئيس الغرفة، إلى أن إدارة الغذاء والدواء فى أمريكا، حذرت من استخدام المنتجات التى تحتوى على جارسينيا كامبوجيا، لما لها من تأثير على صحة الكبد، كما أنه يتفاعل مع أدوية الربو والحساسية وأدوية السكرى وأدوية الحديد الخاصة بعلاج الأنيميا وأدوية خفض الكوليسترول.
وأكد فى ختام تصريحه، أن أدوية التخسيس مجهولة المصدر والمنتشرة على بعض القنوات الفضائية، لها أربعة آثار جانبية أساسية بشكل عام، وهى التأثير على الكبد، ومشاكل الجهاز الهضمى، ومشاكل المسالك البولية، وارتفاع مستوى البولينا فى الدم، وكذلك حساسية على الجلد مما يؤثر على الجهاز المناعى.