Warning: Undefined array key "rcommentid" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 348 Warning: Undefined array key "rchash" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 349

لبنان – الدواء المُزوَّر يقتل تدريجياً.. نتيجة جشع التجّار والصيدليات

لا يزيد الدواء المُقلَّد أو المُزوَّر والمنتشر في سوق الإستهلاك المحلّي اللبناني على الرغم من محاولات مكافحته وضبط تفشّيه كوباء، الأوجاع والأمراض وحسب، بل ويقتل تدريجياً، بدلاً من أن تكون له ذات الفاعلية الموجودة في الدواء الأصلي والحقيقي والمصنّع خصيصاً لتخفيف الآلام، والقضاء عليها نهائياً. ومثلما هنالك دواءٌ مزوّرٌ، فإنّه توجد أيضاً، أدوية مهرّبة وغير شرعية، ومنتهية الصلاحية بات إتلافها بالطرق المناسبة حتمياً، كما أنّ السوق لا تخلو من الأدوية غير المسجّلة، وغير المعترف بها، وغير المضمونة الجودة، وغير الحائزة على الموافقة المسبقة من وزارة الصحّة العامة، فضلاً عن الأدوية الممنوع تداولها لاشتمالها على ما يضرّ ويؤذي، أكثر ممّا يرضي ويشفي. مصيدة السعر الرخيص ويقع المواطن ضحيّة هذه الأنواع من الأدوية نتيجة عرضها عليه بسعر رخيص يقلّ عن ثمن الدواء الفعلي، وعدم قدرته على التفريق بينهما، وعدم معرفته بكيفية التمييز بينهما، ويُقْبل عليها من دون أن ينتبه إلى محاذير هذا الأمر على صحّته، ومخاطر استخدامه ومضاعفاته، على المَدَيَيْن القريب والبعيد، وذلك بسبب اعتقاد يُقدّم إليه كوصفة سحرية بهدف إقناعه وإغرائه، على أنّ هذا الدواء مهرّب بعيداً عن عيون رجال الجمارك، وبالتالي فإنّ رُخْصه المُهوّل ناشئ عن عدم دفع الرسوم الجمركية، من دون أن ينتبه إلى مخالفته لبراءة الاختراع المعطاة له، ومن دون أن يعير هذه المسألة الأهمية اللازمة، لأنّ المهمّ لديه هو أن يفيده ويشفيه ولو مؤقّتاً، ولكن سرعان ما تعود آلة الأوجاع إلى ممارسة ضغطها ونشاطها في الجسد حتّى تنهكه رويداً رويداً، من دون وجود قدرة على وقفها، فيذوب حاملها، ويفقد القدرة على المقاومة، ويفارق الحياة، وهذا ما تنبئ به حالات كثيرة حصلت في لبنان، ووصل بعضها إلى المحاكم تحصيلاً لحقّ، وتكريساً لمبدأ العقاب بهدف منع تكرار مثل هذه الحوادث المميتة. تساؤلات وأنّى للمواطن أن يعرف أنّ كبسولة الدواء محشوة بمزيج من الطحين والبودرة البيضاء، أو أنّه جرى التلاعب بمكوّناتها بإضافة تراب، أو معادن ومواد سامة مثل الأسيد والإسمنت والدهان، أو مادة بودرة السكّر إليها، أو تحلية مائها من أجل تغيير مذاقها؟. وأنّى له أن يكتشف، وهو ليس خبيراً ولا طبيباً، أن العبوة والكرتونة الموضوعة فيها خضعت لعمليات تجميل عديدة من أجل تقريب أوجه الشبه بينها وبين العلبة الأصلية فاستحالت مثلها تماماً؟. وأنّى له أن يعرف أنّ هناك صيدليات تغشّ في أدويتها في سبيل جني المزيد من الأموال، وأنّ الرقابة متقاعدة عن أداء مهامها بالشكل الصحيح والسليم بفعل عوامل عديدة أبرزها الرشوة التي تستطيع أن تفعل فعلها وتحجب الشمس في وضح النهار؟!. وأنّى له أن يعلم أنّ الصيدلي قام بتمزيق الأغلفة الخارجية التي تحمل تاريخ الصلاحية، ليبيعها مظاريف فردية أزيل عنها التاريخ، أو ما يشير إلى هذا التاريخ، مع الإشارة إلى أنّ هناك عدداً لا بأس به من الصيدليات يبيع المظاريف بشكل فردي بحجّة عدم قدرة المواطن على شراء العلبة كاملة، أو عدم حاجته إلى استهلاكها كلّها، وبالتالي فهو يشتري دواء انعدمت عافيته وفاعليته لانقضاء صلاحيته؟. وأنّى له أن يلتمس الحقيقة في دواء أصلي جرى تهريبه للتملّص من الرسوم الجمركية، فلم تُراعَ في حفظه شروط السلامة العامة، ممّا أفقده جودته الأساسية المُعْتَبَرة؟. وأنّى له أن يعرف أنّه تمّ تزوير المعاملة الخاصة بالدواء قبل شحنها من مصدرها، فالتبست الصورة على السلطات الجمركية من دون أن تتحقّق منها، فإذا بها مغايرة للتركيبة والمواصفات المطلوبة؟. سببان إثنان لقد صُنِعَ الدواء المُقلَّد من مواد غير فاعلة فيه تحقّق الغاية المتوخّاة منه، سوى زيادة الأرباح لدى طابخيه ومنتجيه ومروّجيه وبائعيه، تحت غطاء كثيف من الفساد، وهو ما يخالف القانون الإنساني، ويعاقب عليه القانون الوضعي، وذلك لسببين إثنين: أوّلهما أنّه يؤثّر سلباً على حياة الناس وصولاً إلى حدّ الموت، باختلاف الأمراض التي يعانون منها، وهذا ما يفسّر وصف هذا الدواء بأنّه قاتلٌ صامتٌ يغزو الجسد بإرادة صاحبه، ولكنْ من دون احتراز وانتباه لمفاعيل أضراره. وثانيهما أنّه يحقّق أرباحاً غير مشروعة للمتاجرين به بغضّ النظر عن صفتهم كصيادلة أو تجّار، على حساب المواطن وصحّته، وسلامته. ولا يقتصر الدواء المُقلّد على صنف معيّن، بل يطاول الكثير من الأدوية المخصّصة للقلب، والسكّري، والجنس، وارتفاع الضغط، وحقن تقوية خلايا الدم، على سبيل التعداد وليس الحصر، على أنّ مفاعيله ونتائجه قد تؤدّي إلى الشلل النصفي، أو الكلّي، أو السرطان، أو الجلطات القاتلة، وسواها من الأمراض والنتائج الوخيمة. وفيما يحقّق تجّارٌ وشركات وصيدليات، أرباحاً غير متوقّعة في حساباتهم بفعل الاتجار بالدواء المزوّر والمُعادي للصحّة السليمة، تدفع شركات الأدوية الكبرى والعالمية المُصدّرة خسائر مالية بالجملة، تضطرّها إلى إعادة النظر في تعاملها التجاري مع الشركات المحلّية المستوردة، وهذا ما ينعكس سلباً على تجارتهما معاً. وعي المواطن ضروري وتحتاج عملية مكافحة الدواء المزوّر إلى وعي المواطن في الدرجة الأولى، بحيث يتوجّب عليه أن يتوجّه إلى الصيدلية لشراء الدواء، لا أن يطرق باب دكّان الحيّ أو الشارع الذي يسكن فيه، لشراء حبّة دواء لوجع الرأس “بانادول”(Panadol) على سبيل المثال، لأنّ هناك دكاكين مخصّصة للمواد الغذائية تبيع الصنف المُقلَّد من هذا الدواء، من دون رادع أخلاقي وقانوني، وبسعر بخس ورخيص. كما أنّه يفترض بالصيدلي ألاّ يحتفظ بالدواء المُقلّد والمُهرّب في زوايا صيدليته وأدراجها وخزائنها ورفوفها الخلفية غير المرئية، بعيداً عن رقابة دائرة التفتيش الصيدلي، تمهيداً لتصريفه تدريجياً، مستغلاً أميّة شريحة لا بأس بها من المواطنين وخصوصاً كبار السنّ منهم، وترغيبهم بادعاءات وهمية بأنّ الدواء الأصلي “مقطوع”، وغير متوافر في مستودعات الشركات المستوردة والموزّعة، وبالتالي ليس هناك من بديل مؤقّت سوى هذا الدواء الذي يعرضه عليهم، فيأخذه المريض ويتناوله على أمل الشفاء، فإذا به يفارق الحياة، أو يعجّل في الوفاة. صيدليات للإتجار بصحّة الإنسان ويجب أن تتضافر جهود نقابة الصيدلة، ووزارة الصحّة، وإدارة الجمارك لمنع تسلّل الدواء المزوّر إلى سوق الاستهلاك، عبر تغيير ذهنية بعض الصيادلة الذين لا يرون في الدواء سوى سلعة للتجارة، ولا ينظرون إلى الإنسان إلاّ على أساس أنّه صيد مالي وفير، واتخاذ القرارات الصارمة بحقّ بائعيه، وملاحقتهم أمام القضاء وعدم الاكتفاء بالقرارات التأديبية بحقّهم، أو تغريمهم مالياً، لأنّ الكثير من التجارب في هذا الميدان أثبتت فشلها وإخفاقها في تحقيق غايتها، وهذا ما يعزّز فرضية تماديهم في غيّهم، وفي تلاعبهم بصحّة الإنسان. تشديد العقوبة ولم تكن خافيةً خطوةُ مجلس النوّاب في العام 2010، بتعديله المادة 92 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة في لبنان، أو ما يعرف بالقانون رقم 367 الصادر في الأوّل من آب من العام 1994، ضمن إطار مكافحة هذا الدواء، حيث شدّد العقوبة من جنحة إلى جناية، ومن السجن بين سنة وثلاث سنوات، إلى خمس سنوات على الأقلّ، كما رفع الغرامة السابقة التي كانت تتراوح بين عشرة ملايين وخمسين مليوناً، لتصبح بين ماية مليون وماية وخمسين مليون ليرة. حجج ضعيفة ويستدلّ من بعض الأحكام القضائية أنّ هناك صيدليات تعمّدت عدم الالتزام بقرارات وزارة الصحّة الرامية إلى منع التداول بدواء معيّن، وسحبه من السوق بسبب عدم مطابقته للمواصفات المطلوبة، أو ظهور عيوب فيه باتت تستلزم إتلافه وعدم إبقائه بين أيدي الناس، فأبقت صيدليات على كمّية منه بهدف كسب الربح الإضافي، غير أنّ اكتشاف تورّطها في “الممنوعات الصحيّة” دفعها إلى التذرّع بأنّها انقادت للقرار الوزاري برضاها لإيمانها المطلق بالنظام والقانون، وسلّمت البضاعة الموجودة لديها، ولكنّ بقاء هذه الكمّية التي لا “يعتدّ” بها، حصل بطريقة خاطئة وغير مقصودة ونتيجة عدم انتباه من الموظّف، ليتبيّن أن هذه الكميّة الضئيلة والقليلة كافية لادخار أرباح جديدة. ومن الحجج الواهية التي تخفّت خلفها صيدليات بحسب الاعترافات الموثّقة أمام المحاكم، أنّها هي أيضاً، وقعت ضحيّة التجّار والشركات، لأنّها لم تكن على علم بأنّ هذا الدواء مزيّف، وذاك مهرّب، وهذه العبوة منتهية التاريخ، وهذه الكبسولة غير شرعية، لأنّه يمكنها بيعها إفرادياً أو بالمظاريف، وهو منطق لا يرضى به عاقل على وجه الأرض

12 – May – 2015