Warning: Undefined array key "rcommentid" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 348 Warning: Undefined array key "rchash" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 349

لبنان – عاصفة الأدوية المزوّرة في لبنان انحسرت… ولكن !

لطالما كانت مافيا الأدوية تضرب بقوّة في لبنان، ورغم العمل الدؤوب الذي تقوم به اليوم وزارة الصحّة للحدّ من انتشارها بشكل أكبر، إلاّ أنه لا يزال هنالك من يستمدّ الجرأة والقوّة من شخص ما، ويحتمي تحت مظلّة سياسية معينة، بغض النظر عن الأرواح التي قد تُزهق نتيجة هذه التجارة المميتة المنافية لحقوق الإنسان والأديان السماوية والقوانين أجمع.

حتى الختم تمّ تزويره!
يقول العضو الأسبق في نقابة الأطباء الدكتور بهاء ناجي لـ”البيان”، أن “تزوير الأدوية يتم عن طريق تقليد العبوة الداخلية والخارجية للدواء، بحيث تصبح مطابقة لشكل الدواء الأصلي، ولكن بالطبع التركيبة مختلفة لدرجة قد يكون محتوى الدواء عبارة عن ماء، والهدف الأول لذلك هو المال”. مضيفاً “إن الصين نجحت جداً بتقليد الأدوية المرتفعة الثمن، وبإمكانياتها استطاعت تزوير الختم الذي يؤكد على مصداقية الدواء، حتى بات من الصعب أيضاً على الصيدلي كشفها، أما بالنسبة للبنان فنجح الفاعلون بتزوير أدوية الكبتاغون، ولكن وزارة الصحة تمكّنت من كشف هذا التزوير.”
يضيف: “إن تزوير الأدوية لم يعد محصوراً فقط في الصيدليات وإنمّا امتد حتى المستوصفات وخاصةً بالأماكن التي لا تستطيع قوى الأمن الدخول إليها كالمخيمات. بالإضافة إلى أن هذه المستوصفات تعاني من فوضى وقلّة رقابة، والسبب أنها متعددة المصادر، بمعنى هناك العديد منها غير مسجلة أسماؤها لدى وزارة الصحة.”
يؤكد الدكتور ناجي على أن “نقابة الأطباء ووزارة الصحة لعبا دوراً كبيراً في انحسار هذه التجارة، حتى بتنا اليوم نستطيع أن نقول إن نسبة المتاجرين بهذا النوع من الأدوية تدنت حتى 5%، وهذا الرقم جيد جداً بالنسبة للسابق.”
يختم الدكتور ناجي حديثه مع “البيان” بالقول: “على المواطن عند اكتشافه للتزوير أن يقدّم بلاغاً فورياً لوزارة الصحة، وأن يخبر النقابة في حال كان التزوير من قبل صيدلية ما”. مضيفاً “بعد حملة وزير الصحة انخفضت نسبة التزوير، ولكن ما نأمله هو أن يبقى الوضع الأمني هادئاً حتى نحافظ على هذه النتيجة الجيّدة ونصل إلى الأفضل، وخوفي هو أن نعود إلى نقطة الصفر أو تتقاعس الرقابة عن عملها، لأن هناك الكثيرين ممن ينتظرون أن تغمض الرقابة عيونها.”

لا مكان للتزوير
يرى عضو مجلس نقابة صيادلة لبنان الأسبق وممثل نقابة الصيادلة في الشمال الصيدلي الدكتور إبراهيم حمزة، “إن أول مسؤولية ملقاة على عاتق كل صيدلي هي مراقبة كل علبة دواء بمجرّد وصولها إلى الصيدلية وحتى تسليمها للمريض. فالصيدلي هو صمّام الأمان للمريض، وهو العين الساهرة على الدواء”.
يضيف الدكتور حمزة لـ”البيان” “لا يوجد دواء مزوّر في صيدليات لبنان إلاّ ما ندر، لأن الصيدلي لا يخطئ إلاّ في حال تسرّب دواء من دون قصد من قبل الشركة أو المستورد وبغير علم الصيدلي”. من وجهة نظر حمزة أن “كل دواء يأتي إلى لبنان من دون علم وزارة الصحة ونقابة الصيادلة هو دواء مزوّر، ونحن الصيادلة نتجنّبه لأنه جاء خلسة إلى البلد من دون رقابة طبيّة، وبالطبع ستكون طريقة حفظه ونقله غير مراعية لدرجة الحرارة والرطوبة…” مشيراً الى أنه “بالنسبة للشكل الفعلي للدواء المزوّر، فهو الدواء الذي يُركّب خارج المصنع الأم، بحيث يتم تصنيعه بطريقة غير مطابقة للمواصفات المطلوبة، من ناحية المقادير، المعايير، المواد المستخدمة في تركيبة الدواء…”
يختم الدكتور حمزة “الذي يطمئن اليوم هو وجود ختميْن أو دمغتين على علب الدواء: “ختم الوكيل والتي عليها السعر، أما الثاني فهو ختم المستورد، وهذه الأخيرة من الصعب تزويرها. أما بالنسبة للسعر فهو موحّد على جميع الأراضي اللبنانية، إلاّ في حال حدوث تفاوت بسيط وهو لا يتعدى 3 أو 4 بالمئة، وذلك حسب سعر صرف العملة.”

يجب الكشف عن الأسماء!
يشير النائب الأسبق الدكتور إسماعيل سكرية لـ”البيان” الى أن” وزير الصحة لم يفتح ملف الأدوية المزوّرة إلا نظرياً، لأن تحديد الأدوية المزوّرة في السوق يحتاج حتماً لمختبر مركزي للرقابة، وهذا المركز غير موجود في لبنان.” ولفت إلى أن “الخطوة الأولى التي يجب على الدولة القيام بها هي بإيجاد مختبر للرقابة، وإعادة تسجيل كافة أدوية السوق، إضافة إلى تشديد الرقابة على المرافئ والصيدليات، المستودعات، المستوصفات والمستشفيات، عدا ذلك يبقى كمن يجمّل الديكور تاركاً الأساسات للإهتراء.”
يؤكد الدكتور سكرية على أهمية الكشف عن الأسماء التي تتاجر بتزوير الأدوية، وبأن “هذه الأسماء هي أخطر من المطاعم التي كُشِفت أسماؤها، ولكن حياة المرضى هي آخر همّ المسؤولين في لبنان، وأكبر دليل هو ما وصلنا إليه من الفلتان الصحي. وإن الأسباب التي أوصلتنا لهذه الحالة الصعبة، هي عدم وجود دولة حقيقية، واستقالة وزارة الصحة من دورها الرعائي، وغياب المساءلة والمحاسبة من مجلس النواب، والفساد السياسي الذي كرّس الفساد ثقافة في الإدارات والمؤسسات.” يختم د. سكرية بأن “المسؤولية تقع اليوم على كل من وزارة الصحّة، ولجنة الصحّة النيابية والنقابات المعنية”.

جُنحة وليست جناية!
وفي مقابلة أجرتها “البيان” مع المحامية هالة صبّاغ، أوضحت فيها بأن في قانون العقوبات اللبناني لا يوجد بشكل خاص مواد متعلقة بغش الدواء أو تزويره، إذ أنه تمّ تناولها بشكل عام، وبالتالي من المفروض أن يصبح هنالك قوانين تتعلق بشكل خاص بتزوير الأدوية. أما فيما يتعلق بالعقوبات فتقول الأستاذة صبّاغ “إن العقوبة لا تتجاوز السنة أو السنتين، بمعنى تعتبر جنحة وليست جناية. وقد يكتفون بالغرامة من دون سجن أو بالإثنين معاً.” موضحة بدورها ما ورد في القانون اللبناني “لتوافر جريمة الغش لا بد من ثبوت القصد الجنائي، أي أن الجريمة هي عمدية، ويجب التحقق من علم المتهم بحقيقة غش الدواء أو فساده.” أما بالنسبة لجرائم تزوير تاريخ انتهاء الصلاحية للدواء، فتؤكد الأستاذة صبّاغ على ما ورد في القانون اللبناني “أن الجرم يقع بمجرّد التزوير، ولو ثبت بالتحليل أن الدواء صالح للإستعمال.”
وتختم المحامية صبّاغ حديثها قائلة: “إن وقائع غشّ الدواء وإن وُصفت بالجنحة، فهي تمثل درجة كبيرة من الخطورة على أرواح الناس وصحّتهم، حيث أننا أمام غشّ الدواء نكون أمام قاتل محترف للمرضى، لذلك هنالك أولوية قصوى لاستصدار قوانين تفرض أقصى العقوبات على تزوير الدواء، شأنها شأن عقوبة القتل العمد، لأن السبب والنتيجة للحالتين واحدة.”
… وفي الختام، إن قضية الدواء المزوّر تضاف إلى سلسلة الإنتهاكات الصحية في لبنان، ورغم الجهود المبذولة والخطوات الحثيثة لطيّ هذا الملف، إلاّ أن هنالك دوماً من يختبئ وراء إصبع أحد السياسيين. فإلى متى تظل حياة المواطن مهدّدة ليس فقط من الطعام واللاإستقرار، بل من الدواء أيضاً؟ ومتى سيأتي اليوم الذي نصرّح فيه بأن لبنان بلد خالٍ من الأدوية المزوّرة؟

 

12-March-2015