Warning: Undefined array key "rcommentid" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 348 Warning: Undefined array key "rchash" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 349
كشف محمود فؤاد رئيس مركز الحق فى الدواء، عن كواليس أنشطة عصابات بيزنس الأدوية منتهية الصلاحية، مشيرًا إلى أنه يقدر بـ600 مليون جنيه سنويًا، ويتسبب فى خسائر للصيدليات والشركات الوطنية بمليارات الدولارات.
وأضاف فى حوار لـ»الإذاعة والتليفزيون» بأن السبب الرئيسى وراء انتشار الظاهرة، هو ما يعرف بـ»مخازن الأدوية» وشركات «التول» وهى كيانات وهمية تبيع الأدوية للصيدليات، بالإضافة إلى انتشار عصابات إعادة تدوير الأدوية وبيعها مرة أخرى للصيدليات، وصفحات تجارة «الأدوية الاكسبير» على الانترنت.
ولفت إلى أن الأدوية منتهية الصلاحية تباع على الأرصفة فى الأسواق الشعبية، وتنتشر إعلانات العصابات بالقرب من محطات المترو تتصدرها جملة «نشترى الأدوية القديمة بنصف الثمن».
كيف بدأت ظاهرة الأدوية منتهية الصلاحية، وما السبب فى انتشارها فى مصر؟
– ظاهرة الأدوية منتهية الصلاحية بدأت فى منتصف القرن الماضي، وتنبهت إليها الولايات المتحدة الأمريكية، وهى أول من حددت مدة معينة لانتهاء صلاحية الأدوية فى عام 1978، وهذه الفترة تتراوح ما بين سنتين وثلاث سنوات وأقصاها خمس سنوات.
والدواء بعد انتهاء فترة الصلاحية يعتبر سامًا، وصار ضارًا بالصحة، وليس دواءً، ومصر كان لديها نظام للتعامل مع الأدوية منتهية الصلاحية حتى أعقاب ثورة 25 يناير2011، وما تلاها من حالة فوضى وتسيب فى البلاد، وبدأت الأزمة تطفو على السطح مرة أخرى، وتستفحل أكثر من أى وقت مضى.
وما أسباب استفحال ظاهرة الأدوية منتهية الصلاحية، حتى أصبحت مقلقة للمرضى والحكومة؟
– الظاهرة استفحلت بمصر وأصبحت مدمرة، لاسيما أن حجمها فى الأسواق المصرية كبير جدا، وسبب الأزمة يرجع إلى أن شركات الأدوية سواء الأجنبية أو المحلية أصبح لها نفوذ كبير، فضلًا عن الشركات الوهمية المعروفة باسم «التول»، التى لا تمتلك مصانع خاصة بها، وهذه الشركات تقدم أدوية غير خاضعة للتجارب، و»بتضرب أى أصناف»، ثم بعد فترة تغير الأوراق، ومقراتها، وتختفي.
ومصر تضم 1200 شركة من شركات «التول» الوهمية، التى «تضرب أصناف الأدوية»، وتطلب من مصانع الأدوية تصنيعها لها، وتطرحها فى السوق، وهذه الشركات من الصعب إلزامها بسحب الأدوية منتهية الصلاحية، لعدم وجود مقرات أو كيانات حقيقية لها.
وما الاجراءات التى اتخذتها الحكومة لمكافحة الظاهرة؟
– وزير الصحة الأسبق اجتمع بشركات الأدوية والصيدليات وإدارة التفتيش فى الوزارة، بالإضافة إلى المجتمع المدني، وأعلن فى العام 2014، أنه قرر تطهير السوق المصرى من الأدوية منتهية الصلاحية، وأصدر قرارًا بذلك يحمل رقم 4011 لسنة 2014، ولكن لم يتم تنفيذ هذا القرار حتى الآن، ثم صدرت قرارات أخرى من وزراء لاحقين ما بين عامى 2016 و2017، ولكن لم تنفذ على أرض الواقع.
وما أسباب عدم تنفيذ قرارات وزراء الصحة؟
– يرجع عدم تنفيذ قرارات وزراء الصحة بتطهير السوق من الأدوية منتهية الصلاحية إلى عدة أسباب رئيسية، السبب الأول هو عدم استخدام الفواتير فى التعامل بسوق الدواء مع الزبائن أو المرضى أو الشركات الموردة، ولاسيما الشركات الأجنبية، وهناك ظاهرة فى مصر تعرف بـ»مخازن الأدوية» وهى التى يتعامل معها أصحاب الصيدليات، وليس عن طريق الشركات الأجنبية أو المحلية مباشرة، وهذه المخازن تبيع الأدوية بدون فواتير.
والشركات الأجنبية أبدت استعدادها لاسترداد الأدوية منتهية الصلاحية، ولكنها تطلب الفواتير التى تم الشراء بها، حتى يتم تتبع الأصناف واعدامها فيما بعد، ولكن الصيدليات والمخازن لا تمتلك فواتير، بالإضافة إلى أن البيع يتم فى أحيان كثيرة بالشريط أو الحبة، وليس العلبة، والشركة ترفض استرداد إلا العلب الكاملة، وبالتالى فإن عمليات البيع والتجارة فى الأدوية تتم بطرق عشوائية وغير رسمية.
وما الأسباب الأخرى وراء انتشار الأدوية الضارة بالصحة؟
– تعتبر فوضى الصيدليات فى مصر، أحد أهم أسباب انتشار الأدوية منتهية الصلاحية، لاسيما أن هناك أكثر من 75 ألف صيدلية، غالبيتها يعمل بها أشخاص من غير خريجى كليات الصيدلة، وتضم خريجى دبلومات فنية، وإعدادية وثانوية عامة، وليسوا مؤهلين للتعامل مع الدواء، وغالبيتهم لا يدركون خطورة تداول الأدوية منتهية الصلاحية، أو كيفية التعامل معها. والحل المتعارف عليه أن الأدوية منتهية الصلاحية يتم تجميعها فى كراتين فى نهاية الصيدلية، ولا يتم وضعها على الأرفف، وعندما تمر لجنة التفتيش يتم التعامل مع الكراتين، ومعرفة عدد ما بها من أصناف وعدد العلب، وكلما مرت لجنة تفتيش يضع عليها توقيعها وتاريخ المرور، وتشميعها بالشمع الأحمر.
ولكن الصيدليات لا تتعامل بتلك الطريقة، وتعتبر أنها تمثل خسارة لها، فيتم بيع هذه الأدوية بطريقة سوق الخضروات، بـ»الشروة»، ويأتى تاجر يتفاوض مع صاحب الصيدلية على شراء هذه الأدوية، فمثلًا لو أن ثمنها ألفين جنيه، يتم شراء «شروة الطماطم المفعصة» بـ200 جنيه فقط، ثم يعيد هذا التاجر بيعها بطرق مختلفة فى الأسواق.
وهل يجد هذا التاجر من يشترى هذه الأدوية أم يعيد تصنيعها مرة أخرى، أم ماذا يفعل بها؟
– بالطبع يتم بيعها فى السوق، ومع تعاظم دور الانترنت، والتجارة الحرة، انتقلت أسواق الأدوية منتهية الصلاحية إلى العالم الافتراضي، وهناك 27 صفحة معروفة وكبيرة على الفيس بوك، تبيع «أدوية إكسبير»، وحجم تجارة هذه الصفحات يقدر بالملايين، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل هناك إعلانات وملصقات بالقرب من محطات المترو، تقول «نشترى الدواء القديم بنصف الثمن».
واكتشفنا فى أحد الأيام أن هناك مصنع تديره عصابة فى المرج الغربية، يقوم بتجميع الأدوية منتهية الصلاحية، ويعيد طباعة تاريخ صلاحية جديد، والأدهى من ذلك أنه يعيد بيعها مرة أخرى للصيدليات نفسها التى اشترها منها، ولكن بسعر أقل من أسعار الشركات المصنعة له، مما يحقق هامش ربح كبير للصيدليات، وهناك بعض الصيادلة «بيغمضوا عنيهم عن الموضوع ده»، عشان يحقق أرباح.
وما دور الأجهزة التابعة لوزارة الصحة فى مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة؟
– الدور الحقيقى والفاعل يقوم به جهاز الرقابة الإدارية، ومنذ فترة قصيرة وجهت ضربة قوية لمافيا تجارة الأدوية منتهية الصلاحية، وضبطت مخزن فى محافظة أسيوط يضم بأكثر من 7 ملايين جنيه أدوية منتهية الصلاحية، وكانت معدة للبيع، لذلك دائما ننصح المرضى أو ذويهم، بشراء الأدوية من الصيدليات الموثوق فيها، وعدم شراء أدوية مخفضة الأسعار. وعادة ما يتم استهداف الفئات الفقيرة من المرضى، الذين يعانون من الجهل، ولا ينظرون إلى فترة الصلاحية، ويكفى أن نقول أن الأدوية منتهية الصلاحية تباع فى سوق الجمعة، وقد نشرت صورة تثبت ذلك عبر صفحتى على الفيس بوك، وأثارت عاصفة من الغضب.
وكيف يتم القضاء على الأدوية منتهية الصلاحية وتطهير الأسواق منها؟
– الحقيقة المؤكدة، أنه طالما هناك أدوية منتهية الصلاحية فى السوق، سوف تستمر الظاهرة، ولكى يتم القضاء عليها، نحتاج إلى عدة أمور، أولها تشريعي، إذ يجب تغليظ العقوبة على تداول الأدوية منتهية الصلاحية والمغشوشة، فالقانون المعمول به حاليًا هو القانون 127 صادر فى 1959، والعقوبة هى غرامة 500 جنيه فقط، وهى عقوبة لا ترقى إلى مستوى الجريمة التى تضر ملايين المرضى.
يجب تطبيق التتبع الدوائي، ويتلخص فى تسجيل جميع الأدوية المستوردة من الخارج أو المصنعة فى الداخل، وكل علبة تأخذ «باركود» محدد، وعلامات مائية معينة، حتى يمكن التمييز بين الأدوية الأصلية والمغشوشة، والوصول إلى الأدوية منتهية الصلاحية، لاسيما أن العصابات التى تتعامل فى الأدوية شاطرة وذكية جدًا، وبعض الصيادلة لا يستطيعون التفريق أو اكتشاف الأدوية المغشوشة من الأصلية أو الأدوية منتهية الصلاحية من الأخرى الصالحة للتعاطي.
كما يجب ميكنة وتطوير إدارة الصيدلة فى وزارة الصحة، وتسجيل جميع الأدوية، بما يمكن من تتبع كل علبة تصرف أو تصنع أو تستورد من الخارج. ويتطلب مكافحة الظاهرة تتبع الصفحات الإلكترونية، وإغلاقها وتوجيه الاتهامات إلى المسؤولين عنها وتغليط العقوبات ضد المتلاعبين بالأدوية.
وزيرة الصحة هالة زايد أصدرت القرار رقم 645 لسنة 2018،المعروف بـ»مثائل الأدوية» لتطهير السوق من تلك الأدوية، هل تم تطبيقه؟
– للأسف الشديد منذ العام 2014، لم يتم تطبيق أية قرارات فى مجال مكافحة الأدوية منتهية الصلاحية، لأن التطبيق يحتاج إلى آليات كثيرة، أهمها تغليظ العقوبات والرقابة على الأدوية، وتسجيلها بشكل إلكترونى وتطوير إدارة التفتيش الصيدلى وميكنتها. وللأسف مع استمرار انتشار الأدوية منتهية الصلاحية، يتعرض الاقتصاد المصرى لخسائر فادحة تقدر بمليارات الدولارات سنويًا، بالإضافة إلى أن هذه الظاهرة تؤدى إلى احجام المستثمرين عن ضخ استثمارات فى سوق الدواء، لأنه سوف يتكبد خسائر فادحة، بسبب الأدوية المغشوشة أو منتهية الصلاحية التى تحقق مصانع بير السلم ومخازن الأدوية من ورائها مكاسب هائلة، وكل هذا يسيء إلى صورة مصر خارجيًا، ويؤثر على أهم ثروة فى مصر، وهى صحة البشر.
31 – May – 2019