Warning: Undefined array key "rcommentid" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 348 Warning: Undefined array key "rchash" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 349

المملكة العربية السعودية – انتشار الصيدليات في الشوارع.. «التقنين مطلوب»

   يُعد انتشار الصيدليات في بلادنا ظاهرة غريبة، فقلما تجد شارعاً تجارياً إلاّ وتزاحمت عليه الصيدليات التي غابت عنها السعودة، وغلب عليها التنافس التجاري البحت، حيث يعود ذلك إلى عدم تقنين تراخيصها، وفتح المجال للتنافس بين الغث والسمين، فبعدما سمحت إدارة شؤون القطاع الصحي الخاص في المديرية العاملة للشؤون الصحية بمنطقة الرياض، بإلغاء العمل بشرط المسافة بين الصيدليات الجديدة، من تاريخ 4/9/1435ه، انهالت الطلبات على فتح الصيدليات من دون النظر لتقاربها بالمسافة، ما ساهم بفتح المجال أمام مختلف الشركات الطبية والتجميلية والأغذية والألعاب وغيرها لتسويق منتجاتها التي يدخل ضمنها الأدوية المنشطة والمخدرة بأنواعها على حساب المستهلك، فضاعت هوية الصيدلية المتخصصة أمام طمع مالكيها، ليبرز السؤال:

هل نحن بحاجة إلى هذا الكم منها؟!.

إن ما نشاهده من انتشار الصيدليات بشكل كبير في شوارع المدن يتطلب إعادة النظر في قرار إلغاء العمل بشرط المسافة، على أن يتم ذلك بطريقة (النسبة والتناسب) بين الأحياء، أو بالنسبة إلى قربها من المستشفيات، وهو ما يعني ضمان تقديم الخدمة المميزة والأدوية المطلوبة، كذلك سيُساهم تقنين تراخيص الصيدليات بضبط الأسعار، ما يعني قدرة الجهات المعنية على مراقبة أي خلل موجود.

شرط المسافة

وقال محمد العبيد: إن الصيدليات غاب عنها التقنين، حيث نجد أكثر من صيدلية باسم واحد في شارع واحد، متمنياً توقف هذا الانتشار الكبير لها، متسائلاً: أين دور البلديات ووزارة التجارة والصحة بضبط هذا الوضع؟، مضيفاً أن من شروط فتح الصيدليات ضرورة وجود بُعد في المسافة بين صيدلية وأخرى لا يقل عن (200م)، مبيناً أنه يجب عند منح الترخيص ألا تقل المسافة بين صيدلية وأخرى عن الكيلو متر، كذلك يجب أن تفرق الجهات المانحة للتراخيص بين الصيدليات والبقالات، مشيراً إلى أن أغلب الصيدليات تخلو من السعودة، فالعاملون فيها وافدون، وغالبيتها كما يلاحظ محتكرة، كذلك لا يوجد ما يُسمى بالصيدليات الخاصة بالنساء، متسائلاً: لماذا لا يفرض على الصيدليات المنتشرة بالشوارع العامة قسم خاص بالنساء تعمل به صيدلانية؟، منعاً للإحراج الذي تتعرض له المرأة، فبعض الأحيان تريد المرأة أن تسأل عن مواضيع تخصها وتتحرج بسؤال الصيدلاني عنها.

وطالب كل صيدلية دواء بوصفة طبية قبل صرف أي دواء أو توفير طبيب داخل تلك المواصفات لتحمله صرف أي دواء؛ لأن أحدنا يذهب للصيدلي ويشكو له ما يعانيه فيصرف الأدوية التي يراها من دون الرجوع إلى الوصفة الطبية، وقد يلجأ بصرف الأدوية التي فيها هامش ربح كبير بغض النظر عن الجودة.

شروط ومواصفات

وأوضح عادل الحبيب، مدير عام خدمات المتدربين بمؤسسة متخصصة، أنه أصبحت الصيدليات معارض يُباع فيها أدوات التجميل وبعض الأجهزة الطبية وغيرها مما لا تدخل تحت مجال الصيدلية، مضيفاً أنه لابد من وجود شركات متخصصة في هذا المجال تنشئ صيدليات، وتُشغّل الصيدليات التابعة للمستشفيات والمستوصفات الخاصة، مبيناً أن تراخيص الصيدليات لدينا غير مقننة، وتعطى الترخيص ﻷشخاص غير متخصصين، ما يتطلب وضع شروط ومواصفات لمن يمنح الترخيص، مُشدداً على ضرورة تحديد شروط لمن يريد مزاولة هذا النشاط كعدد العاملين وساعات الدوام؛ ﻷن الواقع خلاف ذلك، وكذلك وجوب دراسة احتياج الأحياء، فبعض الأحياء أو الشوارع نجدها تعاني قلة الصيدليات، مطالباً بضرورة أن يتضمن الترخيص لافتتاح الصيدليات اشتراط توظيف السعوديين، مُؤكداً أهمية تحديد أسعار الأدوية المستوردة والوقوف بوجه من يستغل هذه الثغرة لتحقيق أرباح كبيرة نتيجة اختلاف أسعار صرف العملة.

تزايد المخالفات

وتساءل حمد السنيد، إعلامي، عن سبب إلغاء إدارة شؤون القطاع الصحي الخاص في المديرية العاملة للشؤون الصحية بمنطقة الرياض العمل بشرط المسافة بين الصيدليات عند النظر في طلبات الترخيص للصيدليات الجديدة، أو عند طلب نقل موقع أو نقل ملكية الصيدليات، مضيفاً أن الإلغاء سيفتح المجال واسعاً أمام الشركات التي تروج لكثير من الأدوية المسموحة وغير المسموحة، ما يجعل التفتيش عليها ومتابعتها والإشراف عليها مستحيلاً، بل وتزايد المخالفات التي قد تلحق ضرراً بالمريض والمستهلك، ذاكراً أن اللائحة التي تنظم عمل الصيدليات يجب إعادة النظر فيها، كذلك يجب أن لا يُكتفى بأن يكون مالكا أو أحد الشركاء في الصيدلية يحمل شهادة صيدلة، بل لابد أن يكون أحد العاملين فيها صيدلانياً سعودياً، لافتاً إلى أن تقنين تراخيص الصيدليات سوف يتحكم بضبط الأسعار؛ لأننا من أغلى الدول في أسعار الأدوية، فعلى سبيل المثال دواء سعره (13) ريالا في إحدى الدول العربية سعره يتجاوز (50) ريالاً في المملكة، على الرغم أنه يحمل التركيب نفسه!.

وطالب بضبط أعداد الصيدليات وتقنينها بنسبة وتناسب بين الأحياء أو قربها من المستشفيات، مُشككاً -حسب قوله – أن العاملين الوافدين بالصيدليات لهم نسبة على الأدوية تصرفها الشركات للأطباء والصيدلانيين والعالمين، حتى يروجوا منتجاتهم، وكذلك الطبيب في المستشفى عندما يصف دواءً معينا.

دراسة تحليلية

ورأى محمد بن دايل، من إدارة الأنظمة الصحية أن كثرة الصيدليات يحتاج إلى دراسة تحليلية لبحث أسباب توسعها وانتشارها، يشترك فيها عدة جهات، إلى جانب بحث وجود خلل النظام الصحي، ومن ثم ثقافة المجتمع، وكذلك الأنظمة بشكل عام، ذاكراً بعض أسباب انتشار الصيدليات؛ كصعوبة دخول الفرد للنظام الصحي، أو طول الانتظار لتقديم الخدمة الطبية، ما يجعله يختصر العناء، فبدلاً من الذهاب للمركز الصحي أو المستشفى يتجاوز ذلك بشراء العلاج مباشرة من الصيدلية، مُستغرباً أنها لا تقف على الأمراض البسيطة، بل تصل إلى التي تحتاج فعلاً تدخلا سريعا من الطبيب، مبيناً أنه من أسباب انتشار الصيدليات توزيع المراكز الصحية والمستشفيات جغرافيا وعناء الوصول إليها أو قلتها مقارنةٍ بالسكان والأحياء والمناطق، وعدم تقييد كثير من الوصفات، التي يمنعها كثير من الأنظمة الصحية، مع أن النظام لدينا يمنع بيع معظم الأدوية إلاّ بوصفة طبية، إلا أن بعض الصيدليات تضرب بالأنظمة عرض الحائط، وذلك لأن الرقابة على تطبيقها لا تتجاوز وضع لوحة بارزة في كل صيدلية تبين قانون المنع، مشيراً إلى أن المضادات الحيوية وحبوب منع الحمل – على سبيل المثال – لا يمكن شراؤها في الولايات المتحدة الأمريكية إلاّ عن طريق وصفة طبية فعلياً.

ثقافة راسخة

وأوضح أنه من أسباب انتشار الصيدليات نقص الوعي الصحي للفرد في مجتمعنا وعدم اكتراثه بالعلل وتسليمها للقدر، وعدم الجدية في اتخاذ الإجراء الصحيح، حتى تصل الحالة إلى مستوى عاجل، فبدلاً من التوجه إلى المركز الصحي يذهب إلى الصيدلي ويشرح الحالة له ويأخذ بتوصيته في العلاج، كذلك من الأسباب عدم الثقة بالخدمة الصحية المقدمة، وتكون نتاج تجربة سابقة، أو قصص سمعها، وبناء على ذلك يعزف عن الذهاب للاستفادة من الخدمة الصحية، مضيفاً أنه إذا وُجد سهولة في الخدمة صحية فقد لا تكون ذات منفعة، وذلك بسبب الجودة التي لا ترتقي للمستوى المطلوب، حيث نسمع بتذمر البعض من أن الذهاب لمركز صحي يعتبر مشقة والنتيجة هي الحصول على “فيفادول” فقط، مبيناً أنه في مجتمعنا – خصوصا- هناك ثقافة الأدوية الشعبية، التي لها أهمية ولازالت راسخة لدينا، بل كثير من المنازل لا تخلو منها وتستخدمها دون الرجوع إلى الطبيب، بل متوارثة وبتجارب سابقة، ومحددة في استخدامها. ومثال على ذلك “المُرة” تستخدم لعلاج كذا، و”الرشاد” لعلاج كذا.. إلى أخ، لذا امتدت هذه الثقافة إلى الأدوية الحديثة الطبية، وأصبحت طريقة التفكير لدى الفرد مرتبطة بالسابق، وأن الدواء لأي علة مبني على تجربة لشخص آخر مر بأعراض مشابهة، مشيراً إلى أن الوصفات والنصيحة بعلاج معين، كثيراً ما تؤخذ من الأخ أو القريب أو الصديق وغيرهم ممن مر بأعراض مشابهة.

نسبة ربح

وكشف ابن دايل أن هناك إغراءات من بعض شركات الأدوية للصيدليات، والضغط على الصيادلة بتصريف كميات العلاج للحصول على نسبة مخفضة، أو نسبة ربح من سعر العلاج، حيث تتم اتفاقيات بتصريف مئات العلاجات شهرياً للحصول على النسبة، متسائلاً: هل سيقف الصيدلي مقابل هذا الإغراء المادي، أم سيبيع العلاج من دون النظر لمعايير الصحة والآثار الجانبية؟، مبيناً أن المنظومة الصحية مترابطة في تقديم خدماتها وأي ضعف في جزء منها يؤثر في مخرجاتها، ذاكراً أن أسباب كثرة الصيدليات مرتبط بصبغة تجارية، ويخضع لقانون الطلب والعرض، لكن سبب ذلك ارتباطه كلياً بالنظام الصحي، الذي قد يجد الفائدة منه، بتخفيف الضغط من استقبال الحالات، وأيضاً الفائدة العظمى هي حركة اقتصادية لأصحاب نشاط الصيدليات، خصوصا لشركات صنع الأدوية، متأسفاً على أن تبعات ذلك قد تكون ضارة على المدى البعيد من التأثيرات الصحية في الفرد، الذي سيعود لاحقاً للدخول للنظام الصحي بمراحل متأخرة، وآثار جانبية لأدوية مستخدمة من دون استشارة طبيب.

15 – April – 2015