Warning: Undefined array key "rcommentid" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 348 Warning: Undefined array key "rchash" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 349

المغرب- الصيدلية والصيادلة بعيون مواطنين

!هناك صيدليات بمثابة محلاّت للبقالة

ما الذي يجعل من الصيدلية فضاء يختلف عن فضاءات تجارية أخرى؟ سؤال يطرح نفسه بإلحاح خاصة عندما نجد أنفسنا أمام صيدليات لا تقوم ببيع الأدوية فحسب، بل تضع على رفوفها مواد عدة تختلط فيها الأدوية بالمواد شبه الطبية، بمواد التجميل، بالأحذية، بل إن بعضها أضحى محلاّ للعشابة، في مشهد يبعث على التقزز، يؤكد على أن أصحاب هذه المحلات هم بعيدون عن المشهد الصيدلي، ويسعون إلى تحقيق الربح المادي بأي شكل من الأشكال؟
مشهد آخر يؤدي إلى طرح نفس السؤال أعلاه، وهو حين يلج المواطن إلى صيدلية فلا يفرق بين الصيدلاني الدكتور، وبين المساعدين، وبين أقارب من العائلة يقومون باستخلاص أثمنة الدواء، فلا علامة على الوزرة ولا إسم يحدد المخاطب، بل وحتى الوزرة نفسها تغيب في أحايين عدة!
إن أجواء من هذا القبيل، لاتجعل الإنسان يميز بين السوق التجاري الذي يمكن أن يتجول بين أروقته ويختار المواد التي يرغب في اقتنائها، أو بين محلّ للبقالة يطلب من صاحبها بضاعة ما، وبين صيدلية لا تحمل من الحمولة إلا الاسم، أما واقع الممارسة فيؤكد البعد المطلق عن الصيدلة في مفهومها النبيل.
عزالدين زهير، تقني: مستخدمون يكرّسون غياب المسؤولية ببعض الصيدليات
الصيدلة مهنة نبيلة، تجعل من الصيدلاني إطارا بوضع خاص يميزه عن العديد من الأطر في مجالات أخرى في المجتمع، هذه الخاصية تكمن في طبيعة المهام التي يباشرها والتي من المفروض أن يحضر فيها البعد الإنساني والأخلاقي في المقام الأول، فهو مدعو إلى الإنصات للمريض الذي يدخل باب صيدليته، وأن يمنحه الوقت الكافي، وأن يكون الجو السائد في الصيدلية هو جو للالتزام والمسؤولية، تحضر فيه الجدية والحزم، لكن، بكل أسف، نجد بعض الصيدليات هي بمثابة فضاءات للاتجار الصرف، إذ تغيب هذه القيم، بل ، وبكل أسف ، يحضر في كثير من الأحيان التهريج والاستهزاء والسخرية في جو مازح بين المستخدمين بالصيدلية او حتى مع نوع معين من الزبائن الذين يتواجدون بالصيدلية دون أن تكون لهم غاية اقتناء الدواء، دونما اكتراث بالزبائن/ المرضى، ويتم الاكتفاء فقط بتصفح الوصفة الطبية وجلب الأدوية التي تتضمنها، أو استفسار المريض عن اسم الدواء الذي يريده فيتم جلبه له، وأحيانا لايتم حتى وصف كيفية تناوله إلا حينما يطلب الزبون ذلك؟
الأكيد أنها ممارسات غير عامّة لكنها حاضرة ولا يمكن تجاهلها، وهي تسيء وبشدة إلى مهنة الصيدلة وإلى الصيادلة الغيورين على مهنتهم، وتجعل المريض/المواطن ينفر من التعامل مع صيدلية من هذا القبيل، قد يكون السبب في تواجد ممارسات من هذا القبيل بها هو غياب الصيدلاني مقابل حضور مستخدمين غير عابئين بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم!
محمد أنظام، تاجر: أحس بالغربة بعيدا عن صيدليتي
ولوجي إلى الصيدلة لايكون مبعثا للغربة بالنسبة لي، بل وفي عزّ المرض حين أدخلها لاقتناء دواء لي، أو لفرد من أفراد أسرتي، وإن كان ذلك ليس بالخطوة السارة، فإني أكون مرتاحا لكوني سألتقي أناسا طيبين، خدومين، لاتفارقهم الابتسامة، ولايبخلون عليّ بالنصح والمشورة، مع إمكانية الاستفادة من خدمات أخرى، إذ تشكل الفرصة مناسبة لقياس الوزن، وقياس الضغط الدموي، وأحيانا شرب كأس من الشاي كذلك. إنها علامات على عمق العلاقة التي يميزها ما هو إنساني عما هو تجاري، فسواء تعلق الأمر بالصيدلاني أو بالمستخدمين، أحسّ بأنني أمام أشخاص تربطني بهم علاقة وطيدة، ويستفسرون عن حالي وحال أفراد أسرتي في جو من الاهتمام وليس مجرد السؤال العابر.
وضعية تختلف بشكل كلّي حين أجدني مضطرا لظرف طارئ، بفعل السفر، أو البعد عن الحي واقتراب موعد إغلاق الصيدلية، أو حين التوجه إلى إحدى صيدليات الحراسة، إذ أكون غريبا وتنتزع عني إنسانيتي، كيف لا وأنا أشعر بأني أتحول إلى مجرد رقم في المعاملة المالية والحسابية للقائمين على الصيدلية، الذين يتعاملون معي بشكل ميكانيكي، دونما الخوض في تفاصيل عن طبيعة المرض والألم المصاحب له، أو حتى كيفية تناوله، وهي الوضعية التي تزداد حدّة حين يتعلق الأمر بزبون لايعرف القراءة والكتابة؟

25-November-2014