Warning: Undefined array key "rcommentid" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 348 Warning: Undefined array key "rchash" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 349

العراق – تكشف فساد مليشيات الادوية وسطوتها في بغداد

تفشت في بغداد ظاهرة بيع الأدوية على الأرصفة، دون حسيب أو رقيب، في الوقت الذي تمنع فيه الحكومة العراقية بيع الأدوية عن غير طريق الصيدليات والمذاخر المجازة رسمياً من قبل وزارة الصحة.

أقراص وزجاجات دواء تفترش الأرض والطاولات بشكل عشوائي، وعلى من يرغب في دواء معين أن يبحث عنه وسط أكوام الأدوية؛ فهذا للصداع وذاك لتقوية الأعصاب وآخر للتقلصات المعوية، ذلك هو المشهد المألوف على أرصفة كثير من أسواق العاصمة بغداد، التي تحتضن (أم الرصيف) وهي عبارة تشتهر بين العراقيين وتعني الأدوية التي تباع على الرصيف.

– علاقة المليشيات بالأدوية

الفساد المستشري داخل الدوائر الحكومية أدى الى تكوين “مافيا” متخصصة في بيع الأدوية المدعومة حكومياً وتسريبها، من صيدليات ومذاخر الدولة إلى “أم الرصيف”. في حين تتهم شخصيات تتبع مليشيات مسلحة، بسرقة الأدوية بطرق احتيالية، وبيعها للمواطنين عبر افتراش الأرصفة، بحسب اعتراف حصل عليه “الخليج أونلاين” من باعة يعملون في تجارة “أم الرصيف”.

“لن تستطيع الأجهزة الأمنية أن تصادر أدويتي”، أجاب بائع أدوية يفترش رصيفاً في سوق شعبي ببغداد، رداً على سؤال مراسل “الخليج أونلاين” حول قانونية بيع هذه الأدوية بتلك الطريقة الممنوعة، ويضيف البائع ويكنى “أبو حسين”، وهو رجل في العقد الرابع من العمر: “لن يجرؤ أحد على محاسبتي”، مستطرداً باستهزاء: “وهل هناك من يستطيع أن يتطاول على العصائب؟”، في إشارة إلى إنتمائه لمليشيا “عصائب أهل الحق” وهي صاحبة أكبر سطوة في العراق بين المليشيات الأخرى.

ويواصل أبو حسين حديثه معترفاً: “أنا مقاتل في العصائب والذين يزودونني بالأدوية من العصائب”، مؤكداً عبر اعترافاته تلك، أن للمليشيات دوراً مباشراً في تسريب الأدوية من المذاخر الحكومية، وتزويد “أم الرصيف” بها.

– أناشيد عقائدية وصور زعماء المليشيات

باعة “أم الرصيف” يكتفون بالتعريف عن قوة نفوذهم، وانتمائهم للمليشيات، باذاعة أناشيد عقائدية عبر آلات تسجيل، أو الهواتف النقالة الحديثة، وارتداء ملابس توحي بذلك، مثل “البنطال العسكري والقمصان السوداء” ولصق صور لزعماء المليشيات على طاولات الأدوية، في حين رصد مراسل “الخليج أونلاين” أحد موزعي الأدوية على الباعة، كان يرتدي زياً يدل على انتمائه إلى المليشيات، ويحمل سلاحاً “مسدساً” نوع “غلوك” تم توزيعه من قبل أجهزة الأمن الحكومية، فقط على عناصر الأجهزة الأمنية وانتشر بين أفراد المليشيات.

– التغاضي أو القتل

تراجعت بعد احتلال العراق في 2003 وسقوط نظام صدام حسين، الرقابة الحكومية بشكل كبير، ليس فقط على الأدوية وبيعها بطرق غير قانونية، بل شمل ذلك كل شيء حتى الأغذية والمواد الاستهلاكية؛ نتيجة الفساد الإداري والمالي الذي استشرى بشكل كبير في جميع مفاصل الدولة.

ويبحث موظفون في الوزارات العراقية بما فيها وزارة الصحة، عن مدخول مالي يحسن من مستواهم الاقتصادي، وإن كان عبر طرق ملتوية، أو غير شرعية، بحسب قول الصيدلي علاء الدايني، الذي يؤكد أنه بالإضافة إلى الفساد المستشري بين الموظفين، هناك ضغوط تجبر الموظف على التغاضي عن الفساد، أو المشاركة فيه.

الدايني وهو صيدلي حاول مراراً تجنب الوقوع في شرك الفساد “الإجباري” بحسب قوله، ما اضطره إلى التغاضي عن الفساد “للخلاص من التهلكة والتعامل مع العصابات التي تسيطر على الدوائر الحكومية”.

ويضيف لـ”الخليج أونلاين”: “الأحزاب السياسية التي تتمتع بأذرع مسلحة من المليشيات صاحبة سلطة أعلى، ومن لا يتعاون معها، أو ينخرط في فسادها يطاله القتل أو العنف بشكل أو بآخر في أقل تقدير”، مشيراً إلى أنه حاول جاهداً منع التلاعب بالأدوية وتسريبها إلى الأسواق، لكنه وجد نفسه “كالفريسة الضعيفة وسط مجموعة من الضباع”، بحسب وصفه.

– طرق ملتوية

طبيبة الأطفال نور البرزنجي، تعمل في مستشفى حكومي ببغداد، أكدت لـ”الخليج أونلاين” أنها شاهدت عند باعة “أم الرصيف” أدوية تم استيرادها خصيصاً لوزارة الصحة، ويفترض أن تصل إلى المواطن من خلال وصفة طبية حكومية، مشيرة إلى أن هناك طرقاً ملتوية عديدة تتسرب من خلالها هذه الأدوية إلى الباعة.

وتقول: “تصل في بعض الحالات أن يشترك الأطباء والممرضون والصيادلة في هذه الممارسة غير الأخلاقية، وأحياناً يتم تزوير وصفات طبية تسهل من تسريب الأدوية بشكل يبدو قانونياً”، وكل ذلك مكشوف وفق تأكيدها، مؤكدة “في مرات عديدة افتُضحت هذه السرقات، وتمت مواراتها بعد تهديدات كشفت وجود مليشيات تشترك في هذه الجرائم”، دون أن تسمي تلك المليشيات.

البرزنجي لفتت إلى أن الأدوية المبيعة على الأرصفة، تتلف سريعاً، لتؤدي إلى تفاقم الأمراض؛ بسبب الجهل بكيفية الحفاظ عليها؛ إذ تتعرض إلى درجات حرارة مرتفعة وطرق عرض غير سليمة، لكن المواطنين يعتمدونها لرخص أثمانها.

– الزبون يختار

بائع الأدوية في ما يسمى بـ”أم الرصيف” عليه فقط أن يحفظ اسم أدويته ومفعولها لكي يجذب أكبر عدد من الزبائن، من خلال شرحه مناشئها ومفعولها وطرق تناولها، وليس مهماً إن كان لا يجيد القراءة والكتابة، في حين ينتشر باعة آخرون، يعرضون بضاعتهم من الأدوية دون أن يعرفوا أسماءها، ويكتفون بمعرفة أسعار كل نوع منها، وعلى الزبون أن يعرف ما يريد

05  – May – 2015