Warning: Undefined array key "rcommentid" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 348 Warning: Undefined array key "rchash" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 349

العراق – الغش الدوائي في العراق جريمة يقع ضحيتها الفقراء

لمْ يجد والد الطفل الذي توفي بسبب حقنة (منتهية الصلاحية)، وسيلة غير ان يلجأ إلى القضاء، ومعاقبة المقصرين، كي لاتتكرر حالة وفاة طفله، البالغ من العمر عام ونصف العام، بسبب حقنه في إحدى مستشفيات محافظة ذي قار، جنوب العراق، محملا مديرية صحة المحافظة المسؤولية الكاملة عن وفاة ولده.
وقال والد الطفل إن”سبب الوفاة هو عدم وجود الجدية والإهتمام من قبل الكادر الطبي في مستشفى (بنت الهدى) في المحافظة.
وأوضح ان ولده أصيب فجأة بحالة إسهال وتقيئ، وبعد يومين تم نقله إلى المستشفى، وقد تبين إنه مصاب بالجفاف، تم نقله إلى قسم الطوارئ، بعد ان منح العلاج اللازم، لكن الأطباء قرروا إبقائه في المستشفى لحين تماثله للشفاء، وفي مساء اليوم التالي، عاينه الطبيب الاختصاص، وكتب في الوصفة الطبية (الطبلة)، إعطاء الطفل حقنة عبر (المغذي)، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية، بسبب إصابته بتخثر الدم، وقد تبين ان الحقنة (منتهية الصلاحية)، الأمر الذي أدى إلى وفاته.
وظاهرة الغش الدوائي في العراق، مثلها مثل عشرات المشاكل الصحية في العراق، التي يقف خلفها تجار ووسطاء، يروجون لأدوية فاسدة أو منتهية الصلاحية، متخصصين في هذا المجال، مستفيدين من غياب القوانين والإفلات من العقاب.
مصدر الدواء المزيف ما زال مجهولاً، ومحتواه لا يمكن الوثوق به، مايؤدي إلى فشل العلاج أو الوفاة أيضا، وذلك لأن الأدوية المقلدة توجد في كل مكان بالعالم، وهي تتراوح بين الخليط من المواد السامة والضارة وبين التركيبات غير الفعالة، بعضها يحتوي على مكون معلن وفعال، ويبدو مشابها للمنتج الأصلي إلى الحد الذي يخدع المهنيين الصحيين والمرضى على حد سواء.
يرى أستاذ الطب الباطني في الجامعة المستنصرية/ بغداد الدكتور رافد علاء الخزاعي ان” الغش الدوائي هو السبب الرئيس في فشل العملية العلاجية، كونه يعرض المريض لمضاعفات لايحمد عقباها، وتضع الطبيب المعالج في حيرة من تشخيصه وتأخر شفائه”.
وقال الخزاعي ان”مافيات الغش الدوائي تتبنى تقليد الأدوية الرصينة، للرقص على اهاءات المرضى، وخاصة الفقراء والمعوزين، لتوفير علاج مقلد زائف وقليل الفعالية في كثير من الأحيان، ولهذا وضعت الدول رقابة صارمة على الأدوية، وكذلك المنظمات غير الحكومية الشعبية لما يسمى منظمات الأغذية والأدوية مثل الامريكية والأوربية، اما في الدول العربية فإن هناك ضوابط لدخول الأدوية، وتداولها وفق شروط وفحوصات مختبرية وسريرية قبل إطلاق الأدوية في دولها ومرضها”.
وأوضح ان”العراق كان واحد من الدول التي تعتمد هذا النظام وهذه الضوابط قبل سنة ،1991 ولكن في زمن الحصار الاقتصادي وزمن الفوضى والإختلال الأمني بعد سنة 2003، أخذت مدى أوسع من خلال دخول أطنان من الأدوية بدون فحص ورقابة، ساهمت في قتل ونشر المعاناة للعراقيين، ليضاف إرهاب جديد نسميه الآن (الإرهاب الدوائي)، يضاف لمعاناة الطبيب والمريض بتوفر أدوية من مصادر غير معروفة، ولاتوجد عليها علامات الفحص او الاطلاق للرصانة الدوائية كما معمول به في الأردن والسعودية من قبل نقابة الصيادلة، مثبت عليها الفحص والسعر ونهاية الصلاحية”.
ويرى الخزاعي ان”حملات مصادرة الأدوية المزيفة والمهربة للعراق من قبل مكتب المفتش العام في وزارة الصحة العراقية، وكذلك الأمن الوطني، ساهمت بنسبة 20 – 30 %، من تقليل هذه الظاهرة الشائعة”.
ودعا الخزاعي وزارة الصحة ونقابة الصيادلة والأطباء، ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق المريض إلى إيجاد صيغ متقدمة للرقابة، ووضع قوانين صارمة للمتاجرين والمتعاملين بالأدوية المغشوشة وغير المفحوصة، علما ان منظمة التجارة العالمية وضعت قوانين لمنع إحتكار الأدوية الخاصة بالاوبئة، مثل الايدز والتدرن والملاريا، وساهم في تخفيض أسعارها، وهذه أيضا بحاجة الى وقفة أخرى للدول لمنع إحتكار أدوية الأمراض السرطانية والمنقذة للحياة، من أجل تخفيف الأعباء المالية على المرضى، وكذلك تقليل الوسطاء من أجل تقليل الهامش الربحي المضاف على سعر الدواء، ولعل توفير الدواء الآمن الرصين يساهم في حماية الاقتصاد الوطني، وتقليل الهدر في الموارد المصروفة على الصحة من خلال وضع وتفعيل قوانين الضمان الاجتماعي والصحي، وهذا حق كفله الدستور العراقي المعطل بسبب الفساد السياسي.
ويرى المفتش العام في وزارة الصحة العراقية الدكتور أحمد رحيم، ان”ظاهرة الغش الدوائي، ظاهرة عالمية، تتراوح بين 25 الى 50 % في كل دولة من دول العالم، ففي اوروبا تصل النسبة الى 25 % وترتفع حتى ان تصل الى 50 % في افريقيا، والعراق يقع في المنتصف، اذ تتراوح نسبته بين 30 و35 % وهذا موثق من خلال منظمة الصحة العالمية.
وأوضح ان”كل الأدوية المهربة أو المقلدة أو المغشوشة أو منتهية الصلاحية، يتم مصادرتها مباشرة، وإحالة الشخص الذي يتاجر بها إلى القضاء، وذلك من خلال التنسيق الكبير مع الأجهزة الأمنية، خاصة الأمن الوطني، ومديرية الجريمة الاقتصادية، وجهاز المخابرات وغيرها من الأجهزة الأمنية التي تبلغنا عن المعلومات قبل ان نتحرك اليها.
وأشار إلى ان”مكتب المفتش العام لايتهاون في موضوع الغش الدوائي على الإطلاق، حيث ننفذ إجراءات قاسية جدا، حتى ان كانت المخالفة بسيطة، تبدأ من الغلق لشهرين إلى سحب الإجازة، أي إن الصيدلاني الذي يكرر بيع الأدوية المغشوشة سواء يعلم أو لا يعلم يتم سحب الإجازة منه”.
وحول التنسيق بين مكتب المفتش العام وبين النقابات الصحية، قال رحيم إن”التنسيق مع نقابة الصيادلة جيد جداً، سواء في تفتيش الصيدليات أو المذاخر أو المكاتب الأهلية، غير ان نقابة الأطباء فإن التنسيق معها ضعيف جدا، فليست لها أي تواصل مع الوزارة أو مع أطبائها، وبالتالي فنحن مسؤولون عن تفتيش عيادات الأطباء ومحاسبة المخالفين، سواء من ناحية مواصفات العيادة أو كتابة الوصفات الطبية، غير الأصولية لبعض المرضى أو تجاوز الاختصاص، ونعني بهذا الأمر ان يكون طبيبا ممارسا ويكتب انه اختصاصي، ونحاسبه كمكتب مفتش عام ونحيله إلى مجلس انضباط النقابة.
وبالإستناد إلى قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم (40) لسنة 1970، فإن على المفتش أن يقوم كلما دعت الحاجة بتفتيش المحلات ومخازن الأدوية الحكومية وغير الحكومية والعطارين والمتجرين بالنباتات الطبية وكل الأماكن التي تصنع أو تخزن أو تعرض للبيع أو التوزيع فيها منتجات ذات خصائص طبية أو صحية أو سامة وذلك تأمينا لتطبيق أحكام القوانين والأنظمة المرعية.
وإذا أظهر التحليل أن المستحضرات الدستورية المصنوعة في العراق أو المستوردة من الخارج غير مستوفية للشروط والأوصاف التي نص عليها الدستور الذي إستحضرت بموجبه، فعلى الوزير أن يقرر مصادرتها وإتلافها، كما أن له أن يقرر إعادة تصديرها على نفقة المستورد إذا كان ذلك ممكنا دون محاذير.
وعادة ماتعلن نقابة صيادلة العراق عن وجود غش دوائي منتج في شركات محلية غير مرخصة، ومنتج لايحمل شهادة تحليل من المركز الوطني للرقابة والبحوث الدوائية، يتم تسويقه وتداوله في صيدليات متعددة ويصرف للمرضى، لكنها لن تتحدث عن وجود عقوبات أو حملات لمذاخر الأدوية وتجار الدواء في موقعها الإليكتروني.
وقال المتحدث الرسمي باسم الدائرة احمد الحيدري أن”الفرق التفتيشية قامت بعمل تفتيشي من شعبة المؤسسات الصحية غير الحكومية بالدائرة، من خلال زيارة تنفيذية إلى منطقة أبي غريب حيث تم خلالها غلق وإيقاف الخط الإنتاجي الخاص بالحبوب في مصنع أدوية أهلي في منطقة أبي غريب مدة شهر واحد، ولايستنأنف العمل في الخط المذكور إلا بعد صدور تقرير اللجنة الفنية للصناعات الوطنية في دائرة الأمور الفنية، يؤيد مطابقته الخط الإنتاجي لشروط التصنيع الدوائي المطلوب”.
وقال محمد علي ان”إنعدام الثقة بالأدوية الموجودة، ينعكس سلبا على الإقبال على الأدوية الأكثر فاعلية والنوعيات الجيدة ذات المناشئ العالمية المعروفة، مشيرا إلى ان العراق واجه
خلال السنوات الماضية أزمة في الاستيرادات الدوائية للمناشئ الأقل نوعية وبإسعار تعادل أسعار النوعيات الرصينة، ما أدخل السوق العراقية تحت رحمة الإستيراد الخاص”.
وطبقا لقانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم (40) لسنة 1970، فلا يجوز للصيدلي أن يمتلك أكثر من إجازة محل واحد في العراق بعد مرور ستة أشهر من نفاذ هذا القانون ويستثنى من ذلك إستمرار الجمع بين إمتلاك إجازتي صيدلة ومصنع أدوية ان حصل عليهما قبل 19 ـ 3 ـ 1970، كما يجب أن يكون لكل محل مدير، ويكون مالك الإجازة مديرا لمحله ولا يجوز له أن يتولى إدارة محل آخر إذا تخلى لسواه عن إدارة محله، كما لايجوز لمدير محل مجاز لسواه أن يمتلك إجازة محل آخر.
وللوزير المختص حيثما إقتضت المصلحة العامة أن يمنع الصيدلي الموظف من مزاولة مهنته خارج الدوام الرسمي سواء بامتلاك إجازة محل أو إدارته على أن يمنح مخصصات لا تقل عن (25 %) من راتبه الإسمي، ولا يجوز للصيدلي ان يجمع بين مزاولة مهنته ومهنة الطب أو طب الأسنان او الطب البيطري ولا تعتبر مزاولة غير مشروعة لمهنة الطب ما يقوم به الصيدلي من الإسعافات الأولية في حالة حدوث حوادث فجائية مستعجلة.
ولا يجوز لغير الصيدلي القيام ببيع الأدوية أو تحضيرها أو تعبئتها أو قيدها في سجلات الوصفات الطبية، لكن يجوز لمعاوني ومساعدي الصيادلة والموظفين الصحيين وطلاب كلية الصيدلة، الذين هم تحت التدريب القيام بتحضير الادوية أو تعبئتها أو كتابة البطاقات أو لصقها على غلافاتها أو أوعيتها أو قيدها في سجلات الوصفات الطبية تحت إشراف المدير.
وللوزير أن يقرر منع استيراد الأدوية والعقاقير من المعامل التي يظهر التحليل أن مستحضراتها لم تستوف الشروط والأوصاف التي تطلبها الدساتير أو الشروط والأوصاف التي تم تسجيلها بموجبها أو عدم توفر الكفاءة فيها.
وجاء في المادة 50، من القانون فيما يخص العقوبات، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات أو بغرامة لا تزيد على ثلثمائة دينارا أو بهما معا كل، من زوال مهنة الصيدلة بدون إجازة أو حصل على إجازة بفتح محل بطريقة التحايل مع الحكم ببطلان الاجازة المذكورة.
ومن إستعار اسم صيدلي لغرض فتح محل وكذلك الصيدلي الذي أعار اسمه لذات الغرض مع الحكم بغلق المحل موضوع المخالفة.
شخص غير مجاز بمزاولة المهنة يعلن عن نفسه بإحدى وسائل النشر إذا كان من شأن ذلك أن يحمل الجمهور على الإعتقاد بأن له الحق في مزاولتها وكذلك كل صيدلي يسمح لشخص غير مجاز بمزاولة المهنة باسمه في الصيدلية.كل من غش أو قلد أحد الأدوية أو المستحضرات الطبية أو المواد الكيمياوية أو باع شيئا منها مغشوشا أو مقلدا، أو من باع أو عرض للبيع أحد الادوية أو المستحضرات الطبية أو المواد الكيمياوية أو النباتات الطبية الفاسدة أو التالفة، ومن صنع أحد الأدوية أو المستحضرات الطبية بدون إجازة.وفي المادة 51 من القانون، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة واحدة أو بغرامة لا تزيد على مائة دينار كل من استورد أو باع أو عرض للبيع أحد المستحضرات والمواد الكيمياوية الوارد ذكرها في المادة الثالثة والأربعين من هذا القانون دون أن يكون مجازا بذلك بموجبه.

05 – January – 2016