Warning: Undefined array key "rcommentid" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 348 Warning: Undefined array key "rchash" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 349

الدواء «اللى ما اختفاش» سعره «ولّع».. و«علاج الفقراء» الأكثر نقصاً

الحديث عن «نقص الأدوية» فى الصيدليات لم ينقطع منذ سنوات، وقد تعددت الأسباب المعلنة لتفسير هذه الظاهرة، فتارة بسبب ارتفاع الأسعار العالمية وأخرى بسبب نقص التصنيع المحلى ووجود عقبات أمام المصانع وأخيراً الدولار، وهى أسباب لا تكون حاضرة لدى المواطن حين يتوجه تحت ضغط المرض والاحتياج إلى أقرب صيدلية أو عيادة صحية من أجل طلب الدواء، فيواجهه الرد الصادم: «مش موجود، أصله ناقص فى السوق»، لكن مع الأزمة الأخيرة، أصبحت العبارة أكثر ترديداً.

«المستورد مش موجود بس الدوا المصرى مش وحش»، قالها أحد الصيادلة لمواطنة جاءته تسأل عن أحد أنواع الأدوية، فأكد لها «أنواع كتير ناقصة، حوالى 30% مش موجود، بس البدائل بتحل أزمة، صحيح ناس كتير مابتحبش البديل، لكن هايعملوا إيه»، على ناحية أخرى تساءل أحد الزبائن: «هو صحيح الأدوية هتقل عن كده؟» فأجابه أحد العاملين بالصيدلية: «وزير الصحة عمال يقول كلام غريب، وشكلها أيام صعبة»، وبين هذا كله استعجل محرم، الرجل الخمسينى، الصيدلى لكى يسرع له بالدواء الذى حمله فى الحقيبة وسارع بالخروج: «الدواء الناقص اسمه إنتربليت، محلول، لفيت عليه كل الأجزاخانات مالقيتهوش، أحد أقاربى بيتصل بيَّا من أسيوط مخصوص عشان أدوّر له عليه».

أما «الدواء الطائر» من صيدلية «الإسعاف» بوسط القاهرة إلى أسيوط، فصاحبته سيدة حامل فى الشهور الأولى، حالتها نادرة كدوائها: «حامل وحملها ما بيستقرش لازم تعلق محاليل كل أسبوع مرتين، والمحلول ناقص فى بلدها، مع إنه مش رخيص، الواحد بـ76 جنيه، محتاجة اتنين فى الأسبوع طول 6 شهور الحمل الباقيين»، يخشى الرجل أن يحصل على الكمية المطلوبة دفعة واحدة من الصيدلية: «هايفتكرونى بتاجر فيهم والروشتة لسة مع ابن عمى فى البلد، هانشوف ونحاول نتفق معاهم، وربنا يستر».

ولكن محمد أبوحجر، المريض بسيولة الدم، يترقب سعر الدولار بمزيد من القلق، فالأمر بالنسبة له حياة أو موت: «بناخد حقن اسمها فاكتور شهرية، عددها بيتراوح حسب ما الحالة تستدعى، الإبرة الواحدة بـ198 جنيه، عندنا فى مصر 3 شركات بس تقوم ببيعها، الشهر ده رحت الشركة اللى كنت بجيب منها قالوا معندناش، رحت الشركة التانية قالوا الاستيراد واقف لكن ما زال عندنا مخزون، جبت 4 إبر من أصل 8 مفروض آخدهم»، يشعر محمد بقلق شديد «لو الشركات بطلت تستورد، ممكن نتوفى بنزيف صغير».

أزمة الدواء فى مصر ممتدة منذ 5 سنوات، وهى تطفو على السطح من وقت لآخر، خصوصاً مع ارتفاعات الدولار، ويقول محمود فؤاد، رئيس «المركز المصرى للحق فى الدواء»: «الدولار أحد أهم أسباب نقص الأدوية لكنه ليس الوحيد، فهناك عوامل أخرى متعلقة بالحكومة والشركات المصنعة».

ويتعجب «فؤاد» من النقص الذى يعترى بعض الأدوية المهمة فيما تتوافر أدوية أخرى أقل أهمية: «الموضوع كله متعلق بالمكاسب» الإحصاءات النوعية التى قام بها المركز لحصر الأدوية الناقصة أكدت أن 87% من الأدوية الناقصة هى التى يقل ثمنها عن 20 جنيهاً «الأدوية الرخيصة التى تعالج الفقراء هى التى تعانى النقص، فى حين أن هناك حقناً يصل ثمنها لثلاثين ألف جنيه متاحة للغاية ولا تعانى نقصاً، يعنى الدولار غالى فى أبوخمسة وسبعة جنيه ومش غالى فى أبومية».

وهناك 14 ألف صنف دوائى مسجل فى مصر، الموجود منها -حسب المركز- 5 آلاف فقط، بينها 500 صنف ناقص تماماً، و805 أصناف أخرى لها بدائل، «الكارثة أن بعض الأدوية المختفية تتعلق بمسألة حياة أو موت مثل الألبومين، والأنسولين المدعم، وأدوية الأطفال وحقن الصبغة التشخيصية وحقن هرمونات السيدات، والآر إتش للسيدات، خاصة مرضى سيولة الدم الذين يموتون بكل أسف ولا أحد يهتم». وليست الأدوية فحسب، فأزمة «النقص» واجهت كذلك ألبان الأطفال المدعمة، فأصبح أصحاب الحاجة يدركون وجهتهم مباشرة دون إضاعة وقت، صيدلية الإسعاف بمنطقة وسط البلد، وجهة لم تعد ترتبط بالألبان المدعمة فحسب، فمع كل جملة «أصله ناقص» يأخذها المواطنون من قصيرها، ويتوجهون إلى الصيدلية الحكومية الأشهر طلباً لوفرة مهددة. وعلى أبواب الصيدلية بدا «مينا» مستاءً للغاية بعد أن سأل عن أحد الأدوية فى الصيدلية ولم يجدها، خرج يضرب أخماساً فى أسداس قبل أن يطمئن نفسه: «هشوفها فى حتة تانية، الحمد لله إنها مش حياة أو موت» يجول الشاب الثلاثينى الصيدليات من أجل حقن فيتامينات كتبها الدكتور لزوجته التى وضعت طفلها حديثاً.

وداخل الصيدلية كانت نقاشات حول ارتفاع الدولار وتأثيره على الأدوية على أشدها، ولكن ورقة معلقة على الجدار جعلت الصورة واضحة كثيراً، وبدا أن الأزمة استفحلت، تقول الورقة إنه «بناء على توصيات الجهاز المركزى والتفتيش والرقابة تم وقف صرف شنط على الألبان، لعدم وجود أى ربحية للشركة من الألبان، حيث إنها مدعمة ومرفق توصيات الجهات المركزى».

«يعنى كمان مفيش شنطة» قال أحدهم، فيما أخذ كل من الموجودين داخل الصيدلية يحمل على ذراعيه عبوات اللبن المدعم، يقع بعضها فى الأرض، بينما يجاهد آخرون للحفاظ عليها إلى حين شراء حقيبة من البائع الموجود على باب الصيدلية.

03 – December – 2015