الامارات:تحذير من سوق سرّيــــة لبيع أدوية محظورة
حذر صيادلة من وجود سوق سرية لبيع مقويات جنسية ومنشطات وأدوية مخدرة ومجهضات حمل، محظور تداولها خارج الوصفات الطبية، لافتين إلى أن صيادلة ضعاف النفوس يجلبون هذه الأدوية المحظورة بطرق احتيالية ويروجونها إلى زبائنهم المقربين.
وأقر أطباء لـ«الإمارات اليوم» بوجود هذه الظاهرة على نطاق ضيق، موضحين أن هذه الأدوية يتم إخفاؤها في الملابس الشخصية، ولا توضع داخل الصيدليات تلاشياً لضبطها من قبل الحملات التفتيشية لهيئة صحة أبوظبي، ملمحين إلى وجود تجاوزات في سوق الأدوية في جميع دول العالم، لتداول أدوية غير مرخصة.
تفتيش ذاتي
أكدت مديرة الصيدلة والرقابة سابقاً، عضو مجلس إدارة شركة جلوبال فارما، الدكتورة مريم كلداري، أن وراء بيع الأدوية سراً قلة من الصيادلة ضعاف النفوس الباحثين عن الربح بطرق ملتوية وغير شرعية. وأفادت بأن التفتيش والرقابة على محتويات الصيدليات موجودان بصفة دورية، موضحة أن عمليات التفتيش تقتصر على محتويات الصيدلية ولا تمتد إلى تفتيش العاملين فيها تفتيشاً ذاتياً لمخالفته للعرف الإنساني. وحذرت كلداري الجمهور من شراء واستخدام أدوية تباع بطرق سرية، حفاظاً على الصحة العامة، لافتة إلى أن تعظيم هامش الربح بصورة مبالغ فيها حرام شرعاً. وأشارت إلى وجود هيكل لرواتب الصيادلة في القطاع الحكومي، لكن يصعب وضع هيكل شبيه في القطاع الخاص، لافتة إلى وجود تفاوت نسبي قيمة وحجماً بين الصيدليات بموجبها تحدد الرواتب، ما يدفع بعضهم إلى اتخاذ طرق ملتوية لتحسين دخولهم.
من جانبها، أكدت هيئة صحة أبوظبي، أنها بصدد تطوير نظام الوصفة الطبية الإلكترونية لربط ومراقبة تداول الأدوية من المنتج إلى المستهلك مروراً بالطبيب والصيدلي، لمنع أي تجاوزات.
وتفصيلاً، قال رئيس قسم تدقيق الجودة الصحية للمنشآت الصيدلانية في هيئة صحة أبوظبي، أسامة أبوشعبان، لـ«الإمارات اليوم» إن معايير الرقابة على الأدوية تبدأ بالتأكد من مصدرها الشرعي من المورد إلى الصيدلية، مضيفاً أن الهيئة تأخذ عينات عشوائية من الصيدلية وتقارنها بفواتير المورد الأصلية على أساس رقم التشغيلة وتاريخ الصلاحية، كما تراقب الشكل الخارجي لعبوات الأدوية للتأكد من عدم التغيير في مضمونها أو كتابتها أو لونها.
وأكد أن الهيئة تبذل جهوداً للقضاء على أي تجاوزات في بيع مختلف الأدوية، لافتاً إلى أن تلك الجهود تقضي على السوق السرية للدواء، متابعاً «نراقب لاصق تسعيرة الوكيل وسعر الدواء ونتأكد من عدم تقليدها أو تغييرها دون علم أو موافقة الجهات المعنية، كما نفحص رقم تشغيلة الدواء وأخذ عينات عشوائية للتأكد من مطابقة رقم التشغيلة الموجود على العبوة مع الرقم الموجود على شريط الدواء، وكذلك التأكد من طريقة نقل وحفظ الأدوية داخل المنشأة الصيدلانية ومطابقتها للمعايير المحلية والعالمية». وأوضح أبوشعبان أنهأيتم التعرف إلى الأدوية المغشوشة عبر جميع خطوات المراقبة العادية مع التشديد على الفحص الدقيق في الشكل الخارجي لعدم تغيير عبوة الدواء أو السعر، لافتاً إلى أن عملية التدقيق على المنشأة الصيدلانية تتم بشكل مكثف ودقيق وتشمل جميع نواحي المنشأة المرخصة من قبل الهيئة.
وحول كيفية السيطرة على بيع الأدوية المحتوية على نسبة عالية من مواد مخدرة داخل الصيدليات أو أدوية جلبت من الخارج بصفة شخصية، أكد أن الأدوية المخدرة لها معاملة استثنائية، إذ تحتوي كل منشأة صيدلانية تتعامل في هذه الأنواع من الأدوية على سجل خاص يتم من خلاله تسجيل الأدوية الواردة والصادرة.
وأفاد بأن هيئة صحة أبوظبي وحدت نماذج الوصفات المراقبة، بحيث تُكتب جميع هذه الأدوية على وصفة لها متطلبات مختلفة عن الوصفة العادية، مضيفاً أنه يتم مراجعة جميع السجلات الخاصة بكل منشأة خلال الزيارة التفتيشية، كما يتم مراجعة الوصفات ومقارنتها بالسجلات والرصيد الحالي أو الفعلي لهذه الأدوية.
وأكد استشاري أمراض الباطنة في مستشفى ومركز الخليج التخصصي، الدكتور عباس السادات، وجود سوق سرية لبيع أدوية محظور تداولها سعياً للربحية السريعة.
وأشار إلى أن الأدوية المتداولة سراً ليست جميعها مغشوشة، ولكنها أدوية محظور تداولها في الدولة إلا من خلال وصفة طبية، وهذه الأدوية تباع بأسعار مضاعفة عشرات المرات للراغبين دون وصفة طبية.
وأوضح السادات أن ثمن دواء «الفيتاماكس» محلياً 50 درهماً ويستخدم مقويات، وثمنه في جمهورية مصر العربية يعادل ستة دراهم، الأمر الذي يغري بعض ضعاف النفوس بجلب هذا الدواء بطرق احتيالية، خصوصاً أن تهريب 100 علبة لا يتجاوز وزنها كيلوغرامين، وتحقق أرباحاً تعادل نحو 4000 درهم، كذلك حبوب «الفياغرا» البالغ ثمنها 45 درهماً للحبة محلياً، تباع في سورية باسم «فيجا» بالشكل والمحتوى نفسهما بما يعادل نصف درهم، يجلبها البعض ويعيد بيعها بعد وضعها في علب المنتج الأصلي.
وأشار إلى أن أطباء يصرفون أدوية لحماية المعدة من الآثار الجانبية لأدوية الروماتيزم والتهابات المفاصل، وتبين أن الآثار الجانبية لأدوية الحماية مثل «ميتروبرستول» مسببات للإجهاض عند النساء الحوامل، الأمر الذي دفع بعض ضعاف النفوس من الصيادلة إلى بيع هذه الأدوية سراً مجهضات حمل للنساء.
ويطالب السادات بحملات تفتيش سرية ومفاجئة مع الاعتماد على مرشدين يجيدون تمثيل دور الزبائن للإيقاع بالمتلاعبين.
وأكد صيدلي، فضل عدم ذكر اسمه، بمنطقة الخالدية في أبوظبي، حدوث تجاوزات من قبل صيادلة للحصول على دخل إضافي، مضيفاً أن راتب الصيدلي في الصيدليات العادية يراوح بين 8000 و10 آلاف درهم، وفي الصيدليات الكبرى لا يتجاوز 13 ألف درهم، وهذه الرواتب لا تكفي نفقات المعيشة، ما يشجع عدداً من الصيادلة على بيع الأدوية سراً لتحقيق دخل إضافي.
واقترح إعداد مشروع رواتب للصيادلة محدد فيه الحد الاقصى والأعلى حسب سنوات الخبرة والساعات الإضافية، مطالباً هيئة صحة أبوظبي بإدراج رواتب الصيادلة في اهتماماتها للقضاء على السوق السرية للدواء، مضيفاً أن «سائقي التاكسي في أبوظبي لديهم عقد موحد للرواتب محدد فيه ساعات العمل الإضافية ونحن الصيادلة نريد عقداً موحداً مثلهم».
وأكدت مديرة صيدلية المزروعي، الدكتور رويدة مرعي، عدم إمكانية تداول أدوية غير مطابقة للمواصفات في الصيدليات، لافتة إلى وجود تفتيش دوري كل ثلاثة أشهر من قبل هيئة صحة أبوظبي على جميع مكونات الصيدليات وطرق التخزين والمواصفات ودرجات الحرارة داخل البرادات وفقاً للأنظمة العالمية.
وأقر الصيدلي (ر.ك) بوجود سوق سرية لبيع أدوية مغشوشة، موضحاً أن الأدوية المغشوشة أو المهربة لا تأتي عن طريق مندوبي الشركات أو الوكلاء، إنما يتم جلبها بطرق سرية وتباع على نطاق ضيق للمعارف أو الزبائن الدائمين للصيدلي، مضيفاً أن معظم هذه الأدوية التي تباع سراً عبارة عن مقويات جنسية عشبية وكيميائية ومنشطات ومخدرات ومجهضات للحمل.