Warning: Undefined array key "rcommentid" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 348 Warning: Undefined array key "rchash" in /customers/6/5/f/pcm.me/httpd.www/wp-content/plugins/wp-recaptcha/recaptcha.php on line 349

فلسطين – جهات في غزة “تُسرّب” أدوية التبرّعات لأيدي التجار وأرفف الصيدليّات

يلجأ العديد من المرضى إلى الصيدليات الخاصة للبحث عن الأدوية التي تفتقر لها صيدليات المراكز والمستوصفات الحكومية والخيرية، والتي كان من المفترض توفّرها بالمجّان بعد تبرّع الكثير من الدول خلال وبعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة منتصف العام الماضي.

الصيدلاني ماجد عبد الله-اسم مستعار- اكتشفَ بعد وصول عدد من “الروشيتات” الخاصّة بالمراكز الطبيّة الكبيرة أن الأدوية التي حصلَ عليها من قِبل “تاجر شنطة” مخصّصة بالأصل للتوزيع مجّاناً على المواطنين في تلك المراكز.

طُرق غير شرعيّة

وتبيّنَ لـ “معدّ التحقيق” خلال البحث أن جزء من الأدوية، خاصة تلك التي تتعلّق بالرعاية الأوليّة والتي تصل للعيادات والمراكز الصحيّة والمؤسسات الخيريّة في قطاع غزة لتوزيعها مجاناً على المرضى، تُباع بطرقٍ غير شرعيّة بكميّاتٍ كبيرة، وتصل لأيدي عدد من التجّار لتُباع في الكثير من الصيدلياّت.

فُقدان الأدوية المجانيّة من بين أيدي المواطنين وعدم حصولهم عليها من داخل العيادات الحكومية والمستوصفات، في مقابل توافرها بالعديد من الصيدليّات المنتشرة في كافة أنحاء قطاع غزة بمقابلِ مادي، دفعنا لإجراء تحقيق استقصائي استمر العمل به لأكثر من شهرين.

الصيدلاني ماجد عبد الله، والذي يُدير إحدى الصيدليات في منطقة وسط قطاع غزة يقول لـ”المجتمع” إن الموزعين الذين كانوا يبيعونه تلك الأدوية التي يحصلون عليها من خلال صفقات من قِبل بعض الجهات يعملون بشكل حر.

ويؤكّد أنه توقّف عن شراء تلك الأنواع من الأدوية التي تعامل بها لمدة شهرين بعد أن تعرّف على مصدرها وحاجة المواطنين الماسّة لها. مشيراً إلى أن العديد من الصيدليّات لازالت تتعامل بها رغم عدم قانونية الأمر.

تاجر..طرف الخيط!!

قادتنا عمليّة البحث إلى أحد تجار “الشنطة” الذي يسكن جنوب القطاع ويبيع ويُوزّع الأدوية على الصيدليات أو الموزّعين الآخرين. وكانت عمليّة التواصل من خلال تقمّص “معدّ التحقيق” لشخصيّة موزّع أدوية يبحث عن تلك التي جاءت إلى القطاع كتبرعات لبيعها لعددٍ من الصيدليات بحجة هامش الربح الكبير الذي يعود عليه من ذلك.

التاجر”ع.ش” والذي كان يعمل صيدلانيا في السابق، تعاطى مع الطلبات خاصة وأنها كانت بكميّات كبيرة فيما بعد. حيث وثّقنا الاتفاق عليها بالصوت، وتسلّمها بالكاميرا الخفية، وكانت الأنواع التي حصلنا على عيّنات منها بقيمة مائة وستين شيقلاً (حوالي 40 دولار) على النحو التالي ” أزومين شراب، وجفلكس شراب، أموكسوسلين شراب، أموكسوسلين ألف جرام، ومسكّن آلام من نوع باندا، ومرهم تورامايسين، وحقن جونتمايسين، وهذه الأنواع هي تبرّعات أردنية وجزائرية”.

واعترف التاجر خلال الاتفاق معه أنه يوجد لديه أنواع أخرى من الأدوية منها “سيبرو وحقن بروفايزين”، فيما أنه لا يوجد عليها جميعها ختم نقابة الصيادلة الفلسطينية الذي يُوضع على أي نوع من الأدوية المخصّصة للبيع.

مخالفة قانونية

القوانين الصحيّة والمتعلّقة بمزاولة مهن الصيدلة في فلسطين أكّدت بما لا يدع مجالاً للشك أن المتاجرة بالأدوية التي تأتي على شكل تبرعات “غير شرعي”. إذ تشير المادة (69) من قانون الصحة العام رقم 20 لسنة 2004 إلى أنه “يُحظر البيع أو الاتجار في عيّنات العقاقير الطبية والمستحضرات الصيدلانية التي تكون مُعدّة للدعاية والإعلان أو التوزيع المجّاني”.

أما نظام مزاولة مهنة الصيدلة في فلسطين، فأكّدت المادة (34) منه على أنه :”يُحظر على المؤسسة الصيدلانية شراء الأدوية إلا من الجهة المرخّص لها ببيعها، كما يُحظر عليها بيع الأدوية التي انتهت صلاحيتها أو العينات الطبية المجانية أو الأدوية التالفة أو المهرّبة أو المُباعة لوزارة الصحة أو الخدمات الطبيّة العسكريّة أو وكالة الغوث، أو تبرّعات الأدوية الواردة إلى فلسطين”.

وبيّنت المادة (77) من النظام على أن “الأدوية التي ترِد إلى الجمعيّات والمؤسسات الخيريّة والمستشفيات يجب أن تُختم باسم الجمعيّة أو المؤسسة المُرسَلة إليها (مُباع لصالح …..ـ) على أن يُوضع الختم في مكان واضح لا يمكن تزييفه من داخل العبوّة أو خارجها، والأدوية التي ترِد مجّاناً على شكل تبرعات تُختم بعبارة مجاناً وتُوزّع برسومٍ إدارية، ويجب أن تخضع للدليل الفلسطيني للتبرّعات الدوائية المُلحق بهذا النظام”.

مدير عام الإدارة العامة للصيدلة بوزارة الصحة في غزة الدكتور أشرف أبو مهادي يقول إن كل من يُمارس أو يتعامل مع الأدوية بيعاً وشراءً ولا يحمل رُخصة فهو مُلاحق. مشيراً إلى أن التبرّعات القادمة للوزارة أو للمؤسسات الخيريّة جاءت للشعب الفلسطيني مجاناً.

طريق للربح الوفير

وثّقنا في المكالمات الهاتفية المسجّلة مع التاجر “ع.ش” وجود تجّار عدة يتعاملون معه في مجال بيع أدوية التبرّعات. إذ يقول :”من المقرر أن تصلني خلال أسبوع إلى عشرة أيّام صفقة أدوية تبرّعات أردنيّة ومصريّة وجزائريّة وفرنسيّة من أحد التجار بها مكسب كبير لنا وللصيادلة الذين سيشترون منّا”.

وفي إطار التجهيز للصفقة الوهميّة التي كنّا نتفق عليها مع “ع.ش”، بيّن في اتصال هاتفي آخر أنه يوجد لديهم نحو 450 حقنة من التبرعات الجزائرية، وهي تبقّت من عدد أكبر من الحقن من ذات النوع، مما يشير إلى أن الكميات التي بحوزتهم كبيرة.

الاعتراف بحجم الصفقة التي بحوزته جاء فيما بعد، إذ يؤكد على أن القيمة الماديّة للصفقة التي لازال متبقّيا لديه جزءاً منها هو خمسة عشر ألف دولار.

التاجر والموزّع “ع.ش” يحمل شهادة الصيدلة منذ أكثر من عشرين عاماً، ويعمل بتوزيع الأدوية المصرية المهرّبة عبر الأنفاق أيضاً. سألناه عن التاجر الذي تصله منه الأدوية وإمكانية مقابلته، فقال لنا إنه يُفضّل أن يعمل من بيته وبصمت، مضيفا :”يتواصل التاجر مع مجموعة موزّعين ويبيع من خلالهم ما يمتلك من أدوية”.

وبعد طلِبنا منه معرفة مصدر الأدوية، أوضح :”لا أعرف مصدرها بالضبط، لكن بعض الكلام يُقال إنها جاءت كتبرّعات، فيما منع الجانب المصري إدخالها بشكل رسمي، فسُرقت وتم تهريبها عن طريق الأنفاق”.

أدوية مهمّة

شكّك مدير عام إدارة الصيدلة في وزارة الصحّة بغزة الدكتور أشرف أبو مهادي في صحّة وجود تسريب لأدوية التبرّعات وبيعها في السوق للمواطنين، على الرغم من إطلاعنا إياه على العديد من أنواعها، ويضيف :”الأدوية التي توجد معك تندرج تحت بند أدوية الرعاية الأوليّة، ومنذ بداية العام 2014 يوجد لدينا عجز شديد في خدمة وأدوية الرعاية الأوليّة، لذلك لا أعتقد أنه يوجد تسريب، فكيف تُسرّب أدوية ليست موجودة أساساً!”

غير أن مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة الدكتور عائد ياغي نفى ما جاء على لسان أبو مهادي، مبيّنا أن الأدوية التي وصلنا إليها هي مضادات حيوية للكبار والصغار ويكثر استخدامها، ناهيك عن أنها من المفترض ليست مفقودة من داخل المؤسسات التي وصلَتها بكثرة، وفق قوله.

غياب التنسيق والرقابة

المعضلة الأساسية التي أدّت إلى زيادة وتيرة تسرّب الكثير من الأدوية هي غياب التنسيق بين المؤسسات، وحسب الدكتور ياغي فإن تلك التبرّعات تصل لمؤسسات غير مختصّة في المجال الصحي.

جمعية الوئام الخيرية الواقعة شمال قطاع غزة، إحدى الجمعيّات الخيريّة التي تتلقّى تبرّعات طبيّة من قِبل مؤسسات جزائريّة. يقول رئيسها محمد أبو مرعي إن قضية بيع الأدوية الجزائريّة خطيرة وتحتاج إلى بحث وتحقيق من قِبل الأجهزة الأمنية في قطاع غزة لأن جمعيتهم تتعامل مع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ولجنة الإغاثة فيها لاستقبال القوافل والتبرّعات الخاصّة من الشعب الجزائري، وسرقتها يسبّب لهم المشاكل، وفق قوله.

ويشير أبو مرعي إلى أن جمعيّته تشكّل فور استلامها تبرعّات الأدوية “لجنة وطنية” عامة من أطبّاء وفصائل فلسطينية لفرز هذه الأدوية ومن ثم اختيار مراكز طبيّة ومستشفيات لتوزيعها عليهم، لافتا إلى أن المؤسّسات التي تحصل على التبرعات توقّع على تعهّد لعدم بيع الأدوية مُطلقاً ولو بمقابل رمزي.

ويكشف أن الجمعيّة تأكّدت من مخالفة بعض المراكز الطبيّة والمؤسسات التي تلقّت منها كميات أدوية للتعهّد الذي وقّعت عليه، حيث تبيعه للمرضى بـ”قيمة رمزية” كمصاريف إدارية.

دليل دامغ..وكميّات كبيرة

لمعرفة حجم وكمية أدوية التبرّعات المسروقة، اتفقنا مع التاجر “ع.ش” لتوفير كل الكميّة التي توجد بحوزته، وهي بقايا الصفقة التي وصلت قيمتها خمسة عشر ألف دولار.

في الميعاد والمكان المحدّدين سلفاً، وصل التاجر “ع.ش” ومعه نحو خمسة عشر صندوق يحتوي على 1832 قطعة دواء أردني وجزائري من سبعة أنواع بقيمةٍ إجمالية بلغت ثمانية آلاف شيقل (ألفي دولار)، فيما تراوحت أسعار القطعة الواحدة ما بين شيقلين ونصف إلى ثمانية شواقل. غير أن أسعار مجمل تلك الأدوية بعد استقرارها على أرفف الصيدليّات يرتفع إلى نحو ستة آلاف دولار، حيث يرتفع سعرها ثلاثة أضعاف لتصل إلى أيدي المواطنين بمبالغ تتراوح ما بين خمسة إلى عشرين شيقلا للقطعة الواحدة.

من خلال الكاميرا الخفيّة وثّقنا عملية “البيع الوهميّة” لأدوية التبرّعات التي يظهر بوضوح على عبوّاتها كتابات وعلامات تُشير إلى أنها ليست للبيع، ناهيك عن بعض الأنواع التي اتّفقنا عليها لتصلنا فيما بعد كإحدى أنواع “الحقن” جزائرية الصنع، حيث توفّر مع التاجر ما بين 450 إلى 500 حقنة بسعرٍ يتراوح ما بين 900 إلى ألف شيقل.

سألناه عن مصدر الحقن التي ظهرت فجأة وقبل إتمام الصفقة بيومٍ واحد، فأجاب :”من أتعامل معه هو تاجر، والأدوية تصل من يد تاجر إلى آخر إلى غيره، ومن الطبيعي توفّر هذه الأنواع”.

وبعد مواجهة التاجر “ع.ش” بحقيقة مهمتنا الصحفيّة وإعطائه “حق الرد”، اعترف بعدم قانونية ما قام به من المتاجرة وتوزيع أدوية التبرّعات. غير أنه نفى حجم الصفقة البالغ خمسة عشر ألف دولار والتي كان يبيع ما تبقّى منها لنا :”لا يوجد معنا كميّات بهذا المبلغ، وكل هذا الكلام كذب”.

الأدوية التي تُسرق من التبرّعات الواردة إلى قطاع الصحّة والمؤسّسات والمراكز الخيريّة في غزّة لا تتوقّف فقط على سبعة أنواع منها، إذ أن عشرات الأنواع منها تُباع من قِبل العديد من التجّار الجائلين “الشنطة”. حيث يبيّن الصيدلي ماجد عبد الله :”كان يأتيني كل مرة التاجر بأصناف جديدة، ووصلت لأكثر من عشرين صنف، ناهيك عن أنه في البداية كان يأتيني تاجر واحد، لكن أعدادهم ازدادت بعد فترة”.

تسديد حسابات وسرقات

لكن من أين تتسرّب تلك الأدوية لتصل إلى أيدي التجّار ومن ثم الصيدليات الخاصة؟، يجيب على التساؤل مدير دائرة المباحث الطبيّة في قطاع غزّة المقدّم محمد المعصوابي من خلال كشفه لـ”المجتمع” عن عدد من الصفقات التي صادروها وألقوا القبض على السارقين.

يقول المعصوابي إنه جاءهم العديد من الشكاوى من قِبل المواطنين بأن أدوية تبرّعات تُباع في عدد من الصيدليّات، موضحاً :”يجري بين الفينة والأخرى عمليّات تفتيش على الصيدليات والمستودعات بالتنسيق مع وحدة الإجازة والتراخيص في وزارة الصحة، ويتم أحياناً ضبط أدوية التبرّعات، وكان آخرها قبل شهر، حيث ضبطنا كمية كبيرة من الأدوية والمُستلزمات الطبيّة مع أحد المواطنين، كما تم توقيفه والتحفّظ على كل الأدوية ومصادرتها وتحويل قضيته برمتها للنيابة العامة لاتّخاذ الإجراءات المناسبة”.

ويكشف المعصوابي عن أن السرقات كانت تتم بكميات كبيرة من قبل متنفّذين ومسئولين في جمعيّات خيريّة إما بغرض المتاجرة بشكلٍ أساسي أو تسديد حسابات، متابعا :”استطعنا حتى الآن اكتشاف صفقتين كبيرتين: الأولى؛ حينما وصلت معلومة قبل شهر أنه يوجد كمية كبيرة في السوق من الأدوية التي جاءت لإحدى الجمعيّات الخيريّة على هيئة تبرّعات للمستشفيات والعيادات، فقام شخصان متنفّذان في الجمعيّة بإعطاء كميّة كبيرة من الأدوية لأحد التجّار لتسديد ديون مستحقةّ له عليها، والتصرّف فيها بالأسواق، وهذا إجراء غير قانوني، حيث تم عمل كمين والتحفّظ عليها “.

ويُضيف :”المرّة الثانية؛ في مدينة خانيونس، قمنا بضبط كمية كبيرة من أدوية التبرعات في إحدى الصيدليات، وبعد التحقيق مع صاحبها تبيّن أنه اشتراها من أحد المستودعات بالمنطقة الوسطى بصورة رسمية، وأن صاحب المستودع اشتراها من أحد التجّار الذين يعملون في هذا المجال ويستغل نفوذه كمسئول داخل إحدى الجمعياّت”.

حديث المعصوابي يتطابق وتفسيرات التاجر “ع.ش” فيما بعد بأن الأدوية وصلت إلى يد التاجر الأصلي على سبيل الوفاء بديون وأموال كانت مستحقّة على السارقين وجمعيتهم.

مؤسسات تبيع وتستبدل

أمين سر صندوق جمعية الصيادلة الخيرية وعضو لجنة توزيع الأدوية الواردة لجمعية الوئام الخيرية وصاحب أحد مستودعات الأدوية الصيدلاني ماهر مهدي يقول إن الأصل أن تكون الأدوية الواردة إلى السوق المحلية صادرة من شركات أجنبية ومحلية عن طريق شركات فلسطينية ومختومة بختم نقابة الصيادلة بالقدس وغزة. وفق قوله.

ويُشير إلى أن المشكلة في الأدوية التي تأتي على شكل تبرّعات قد لا تصلح أحياناً للمؤسسات الصحية كمستوصف وعيادة صغيرة، مستدركا :”لكن مثل الأدوية التي بين يديك والتي ضُبطت مع التاجر فهي تتوافق مع احتياجات المستوصفات، وتلزم للمرضى، وهي رائجة”.

ويقول مهدي إن بعض المؤسسات التي تأتيها كميات من الأدوية في قطاع غزة قد تكون زائدة عن حاجاتها، تضطر أحياناً التصرّف بها من خلال بيعها لتاجر أو بالمبادلة بأدوية أخرى. مبيناً أن الكثير من أدوية التبرّعات تنتشر في السوق، خاصة الأردنية منها.

تجّار شنطة

ويلفت المقدّم المعصوابي إلى أن دائرته ضبطت الكثير من الصيدليات تبيع أدوية التبرّعات بشكلٍ مُخالف للقانون، موضحاً :”في حالة كانت الكميات قليلة جدا نقوم بتوقيع الصيدلي على تعهّد لعدم التعامل بالأمر مجدّداً، فيما نقوم بإبلاغ الجهات المعنيّة بذلك”.

ووفقا للمعصوابي فإن معظم ما يصل إلى الصيدليات من أدوية تبرّعات هي من خلال تجّار شنطة جائلين وليست من تجّار كبار، مؤكّداً أن المشكلة تقع على كاهل أصحاب الصيدليات الذين يتجاوزون القانون ويرفضون التواصل مع الجهات المختصّة والإبلاغ عن تجار الشنطة لأنهم يستفيدون مادياً.

بيع أدوية التبرعات تهدم الثقة بين المرضى والصيادلة.. ومفتى غزة: بيعها حرام شرعاً

اشتكى عدداً من الصيادلة في قطاع غزة من الأضرار التي تقع عليهم بسبب بيع أدوية التبرّعات المسروقة في صيدليات زملاء لهم، واعتبروا أن مخالفة زملائهم للقانون يخل في شرف مهنة الصيدلة.

تأثير سلبي

الصيدلاني المسئول عن صيدلية الجلاء بمدينة غزة الدكتور إبراهيم شعث يقول إن الأمر أثّر بشكل سلبي وكبير عليهم لأن إدخال بعض المؤسسات أدوية التبرعات وبيعها في السوق نتج عنه مضاربة في الأسعار وخلخلة نظام الأسعار المتّبع.

ويضيف لـ”مراسلنا ” :”فعلى سبيل المثال يأتي مريض للسؤال عن سعر أحد الأدوية، فنقول له مثلا سعره عشرين شيقلا، فيكون قد سأل مسبقا في صيدلية أو مؤسسة تبيع أدوية التبرعات ووجد مثله أو نوع آخر من الدواء له ذات التأثير الدوائي لكنه بسعر عشرة شواقل أو أقل، ثم نبحث عن الأمر نجد أن هذا النوع هو من أدوية التبرعات التي تُباع، ولا أعرف ما هي الطريقة التي تتم فيها الأمور، لكن على هذا المنوال نتأثّر ويصبح هناك فرق كبير في السعر بين الأدوية الرسمية والتبرعات المُباعة والتي أصبح يشتريها المرضى”.

ويشير شعث إلى أن بيع أدوية التبرعات أصبح ظاهرة منتشرة بين صيدليات قطاع غزة، فيما أن المريض يشعر بالضيق حينما يجد فرق في الأسعار بين الأدوية، متابعا :”لكنه لا يعلم أن تلك الأدوية التي يشتريها هي أدوية تبرعات من المفترض أن يحصل عليها مجّانا”.

مكاسب هائلة

من جانبها تُبيّن مديرة صيدلية مسلّم بمدينة غزة د. إيناس الغزالي لـ”المجتمع” أن هامش الربح المحدد سلفا من نقابة الصيادلة ووزارة الصحة لا يسمح لهم بالمنافسة أمام تلك الأدوية التي تُباع بأثمانٍ رخيصة مقارنة مع الأدوية الرسمية التي يبيعونها. موضحة :”من يحصل على أدوية تبرعات من الصيدليات سيبيعها بأسعار رخيصة جدا، على عكس الأدوية الرسمية، لأن هامش الربح لدينا محدد مسبقا، لكن ربح تلك الصيدليات يصل إلى مائة بالمائة”.

متابعة :”حتى أنه من الممكن أن تحصل بعض الصيدليات على أدوية التبرعات دون أن تدفع ثمنها من خلال أقارب يعملون في جمعيات، وأنا شاهدة على كثير من الحوادث في هذا الأمر، لذلك فإنه لو باعها بأقل الأسعار يكون قد حقّق مربح كبير جدا”.

هدم الثقة

لا يقتصر الأمر عند حد المضاربة بالأسعار، إذ أن نظرة المواطنين للصيدليات التي تبيع الأدوية الرسمية ذات الأسعار المرتفعة مقارنة بالتبرعات تصبح سلبية.

يشير مدير صيدلية الأبرار في مدينة رفح د.إيهاب البردويل إلى أن طرح أدوية التبرعات المسروقة في الصيدليات وإقبال المواطنين على شرائها يضع سمعة الصيدليات التي تبيع الأدوية الرسمية في مهب الريح. ويضيف لـ”مراسلنا ” :”تشكّل لدى الصيادلة التي يشترونها هامش ربح كبير ومن الممكن أن يُضاربون فيها، حيث يعملون على هدم الثقة ما بين الزبائن والصيادلة الذين يشترون أدوية رسمية من خلال التلاعب بالأسعار، وإظهارهم للمواطنين وكأنهم سارقين”.

ويلفت البردويل إلى أن أدوية التبرعات تصل إلى صيدليات محدّدة وتشتري بكميات كبيرة وبشكل نقدي من قِبل تجار متخصّصين بها، مؤكدا أن هذه المشكلة موجودة منذ الحرب الأخيرة على قطاع غزة منتصف العام 2014 حتى اللحظة، فيما أن كمياتها وأصنافها في تزايد مستمر بالسوق. وفق قوله

حرام شرعاً

من جهته يقول مُفتي محافظة غزة الشيخ حسن اللحّام إن الذي يتعدى على أموال المواطنين من خلال سرقتها يجب أن يُعاقب، مضيفا لـ”مراسلنا ” :”من تعدّى بغير حق على ما جاء للشعب الفلسطيني من أموال ومساعدات وأدوية فهو يُعتبر سارق، وما قام به هو جريمة يُحاسب عليها، فلا يجوز أن يأخذ من هذا الدواء أو المال شئ بغير حقه”.

ويؤكد المُفتي اللحام أنه في حال اشترى أي تاجر أدوية التبرعات وهو يعلم أنها مسروقة فهو يشجّع على السرقة وهذا لا يجوز. حسب قوله

24 – March – 2015